«62» تغير اللغة وتغير المعتقد
استشهد هنا بموقف رجال الدين السعوديين من انتخاب الرئيس السابق محمد مرسي رئيسا لجمهورية مصر، وبفوز الاخوان المسلمين باكثرية مقاعد البرلمان في 2012، فقد رحبوا بهما ايما ترحيب واحتفوا به ايما حفاوة، رغم ان المجالس النيابية في فقههم تغريب وعدوان على حقوق المشرع، ورغم ان انتخاب العامة لايعتبر في فقههم سبيلا صحيحا لتولي الولايات. بعبارة اخرى فقد رحبوا بما كانوا يرونه - قبل هذه المناسبة - عملا مخالفا للشرع وانسياقا في تيار التغريب.
ورأيت مناقشة لآية الله مكارم شيرازي، وهو من الطبقة الاولى من مراجع الشيعة، فحواها ان لا يجد في المصادر الفقهية اساسا للانتخابات العامة او تفويض السلطة من خلال الانتخابات العامة، لكنه مع ذلك يقبل به لدفع تهمة الاستبداد والسلطة على الناس بغير رضى منهم، أو الحيلولة دون تشويه ”الشياطين“ لصورة الحكومة الدينية.[1]
هذا يوضح أن الامر ليس موقفا ”مذهبيا“ خاصا بالتيار الديني السلفي. فهو من موارد الاجماع في الفقه التقليدي في جميع المذاهب الاسلامية. لكن رجال الدين يغيرون مواقفهم لأن العالم يتغير من حولهم. حدث هذا من قبل في الباكستان وفي تركيا وايران ومصر وتونس والسودان والكويت واليمن ولبنان والبحرين. وسيحدث في غيرها من الدول.
الرؤية الشائعة في التراث الاسلامي، حول السياسة والحكم ومشاركة الجمهور في الحياة العامة، لا تتسق مع المباديء التي قامت عليها الدولة الحديثة. يستوي في ذلك التفكير الفقهي عند الشيعة والسنة بجميع مدارسهما الفرعية. لكننا نعرف ان رجال الدين يشاركون مباشرة في العملية السياسية التي تتضمن هذه المفاهيم، او يدعمون جماعات سياسية تشارك فيها.
من الأمثلة التي توضح هذا التحول أيضا، موقف التيار الديني من مشاركة المرأة في الحياة العامة، وأذكر هذا المثال بالخصوص، لأنه يتعلق بواحد من أبرز نقاط الاشتباك والصراع بين التيار الديني، سيما التقليدي، وبين الاتجاهات الحداثية، التي يصفها ذلك التيار بالتغريبية. في الكويت مثلا كان التيار السلفي من أشد معارضي مشاركة المرأة في الانتخابات العامة[2] ، لانهم يعتبرون عضوية البرلمان منصب ”ولاية“، ويعتبرون الانتخاب تزكية. والمرأة في الفقه التقليدي ليست مؤهلة للولاية ولا للتزكية. لكننا نعلم ان التيار السلفي الكويتي لم يتوقف عن المشاركة في البرلمان والحكومة رغم اقرار عضوية المرأة في مجلس الأمة والوزارة.