آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

التدريب سبيلنا الوطني للتقدم

محمد المحفوظ * صحيفة الرياض

الأمم والشعوب لا تتقدم وتقبض على أسباب تطورها وتقدمها، بالخطابات الوعظية أو الرغبوية، وإنما بصناعة الحقائق والمعطيات الواقعية، التي تنقل هذا المجتمع من طور إلى آخر أكثر تقدماً وتطوراً.

وعلى ضوء هذا المعيار العلمي، تختلف استعدادات المجتمعات فيما يتعلق والقبض على أسباب تقدمها وتطورها.. فالمجتمع الذي يعتمد على الخطابات الوعظية، فإنه يزداد تأخراً وتخلفاً، لكون أن هذه الخطابات لا تغير من الحقائق شيئاً.. كما أن الخطابات الرغبوية المجردة عن الحقائق الحسية، لا تؤسس إلى حقائق ومعطيات جديدة تنقل هذا المجتمع من طور إلى آخر أكثر تقدماً وتطوراً في مجالات الحياة المختلفة أو في مجال واحد فقط.

أما المجتمع الذي يعيد صياغة نظامه التعليمي والتربوي بما يناسب حقائق العلم والتقدم، فإنه يبدأ شيئاً فشيئاً يقبض على حقائق تقدمه وتطوره.. لذلك فإن المجتمعات تختلف عن بعضها البعض في طبيعة الاستعدادات والأطر العملية والتعليمية، التي تنقل من واقع إلى آخر أكثر تقدماً.. لذلك فإن المجتمعات الإنسانية تختلف عن بعضها في هذا المنوال.

فالمجتمعات المتقدمة هي التي تعمل بكل إمكاناتها، لجعل التقدم هو هدف الجميع، وتعيد صياغة أطرها ومؤسساتها المختلفة على ضوء هذا الهدف.

فالأهداف مهما كان شكلها لا تتحقق صدفة أو بدون مقدمات.. والمجتمع الذي يقبض على تقدمه، هو ذلك المجتمع الذي يهيأ إلى تقدمه من خلال الأطر والمؤسسات التعليمية والتربوية والتدريبية.

أما المجتمعات التي تلوك التقدم دون تغيير مقدماتها وأطرها المختلفة، فهي لا تقبض على تقدمها وإنما تزداد بعداً عن حقل التقدم.

وهذه الحقيقة هي ما تؤكده كل التجارب الإنسانية المتنوعة.. فالمجتمع الذي تقدم، هو الذي امتلك الجرأة الكافية لبناء أُطر تقدمه، وأعاد صياغة مؤسساته على ضوء متطلبات التقدم التعليمي والتدريبي والحضاري.

فالمجتمع الذي تقدم فعلاً وقطع أشواطاً كبرى في هذا المجال، هو المجتمع الذي حوّل التقدم من رغبة مجردة إلى رغبة مسنودة بإرادة إنسانية وتعليم متطور قادر على تعليم أبناء المجتمع بما يدفعهم إلى تحقيق تقدمهم وتطورهم الإنساني والحضاري.

أسوق هذا الكلام للتنويه والتأكيد على البرنامج الوطني الذي تطلقه المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الذي يستهدف المزيد من تأهيل شباب الوطن في المجالات التقنية وتعليم المبادئ الأساسية لبعض التخصصات التقنية.. ولقد أطلقت المؤسسة العامة على برنامج التدريب المجتمعي اسم «أتقن»، ونحن نعتقد أن هذا البرنامج سيكون إضافة نوعية للبرنامج الوطني الذي يستهدف القبض على أسباب التقدم لدى شباب الوطن.

فالمجتمعات التي تعتني بهذا البرنامج وأمثاله، هي التي تقترب من مضمار التقدم العلمي والحضاري.

أما المجتمعات التي لا تخضع إلى برامج علمية وتدريبية فإنها مجتمعات لن تتقدم قيد أنملة في مضمار التقدم العلمي والحضاري.. وعليه فإننا نشعر بأهمية البرامج العلمية الطموحة، التي تستهدف تأهيل شباب الوطن حتى يتمكن هذا الشباب من القبض على كل أسباب التطور والتقدم.. ونعتبر أن هذا الطريق من أهم الطرق التي ينبغي الاعتناء بها وتطوير برامجها باستمرار، حتى تتمكن هذه الحلقات العلمية والتدريبية من تطوير المستوى العلمي - التدريبي لشباب الوطن، حتى يتمكن هؤلاء الشباب من تحويل هذه البرامج إلى مشروعات وطنية، تزيد من تقدم المجتمع في مجالات العلم والتقنية.

ونعتبر في هذا الإطار أن كل برنامج وطني يستهدف تأهيل أبناء الوطن وتدريبهم على القواعد العلمية، من البرامج الضرورية والمهمة، التي تنقل أبناء المجتمع من طور الاستهلاك الترفي إلى مجال الإنتاج والمشاركة في تقدم وطننا على هذا الصعيد وأصعدة وطنية أخرى.

لذلك لا نمتلك إلا الإشادة بهذا البرنامج وندعو كل الجهات المعنية إلى توفير كل أسباب النجاح لهذا البرنامج التأهيلي والتدريبي لأبناء الوطن.

وندعو كل الجهات والمؤسسات الوطنية والأهلية، إلى الاهتمام بهذه البرامج التأهيلية لشباب الوطن، حتى يتمكن شباب الوطن من تطوير القدرات العلمية والتقنية للوطن كله.

فالأمم لا تتقدم بالرغبات المجردة، وإنما ببرامج التأهيل والتدريب، وهذا ما يحتاجه شباب الوطن، وندعو كل المؤسسات إلى العناية بهذا الجانب حتى يتمكن شباب الوطن من تحويل مشروع التقدم الوطني من حلم إلى حقائق محسوسة على كل الصعد والمستويات.

ولا ريب أن الاعتناء ببرامج التأهيل والتدريب، هو سبيلنا الوطني، لتحويل رغباتنا الوطنية إلى حقائق ملموسة.. وهذا ما نتمناه على مستوى الوطن، وهو الذي ينقل وطننا من طور إلى آخر أكثر تقدماً وتطوراً.

كاتب وباحث سعودي «سيهات».