آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

جولة جنيف.. ماراثون السياسة

محمد أحمد التاروتي *

تحتضن جنيف منتصف مايو الجاري، الجولة الجديدة من المفاوضات السياسية، بين دمشق والمعارضة، لإعطاء دفعة أخرى لقطار الحل السلمي، خصوصا وان المباحثات القادمة تأتي بعد سلسلة المفاوضات التي احتضنتها آستانة، وكذلك في أعقاب الاتفاق الثلاثي ”الروسي - التركي - الإيراني“، لخفض التوتر في 4 مناطق، مما يشكل قاعدة للانطلاق، لتعزيز الثقة بين النظام والمعارضة، نظرا لتباعد المواقف بين الطرفين، وانعدام الثقة على خلفية المعارك الدائرة بينهما، خلال السنوات الست الماضية.

يمكن ان تخلق أجواء المصالحات، في بعض المناطق بالعاصمة دمشق، والاتفاقيات بخروج المسلحين، وعودة الحياة الطبيعية لتلك المناطق، وبسط سلطة الدولة عليها، بعد سنوات من المعارك العسكرية.. يمكن ان تخلق عنصرا إيجابيا في دعم المسار السياسي، في الجولة القادمة، بيد ان إصرار البعض على حمل السلاح، والتوجه صوب أدلب لمواصلة الحرب عامل احباط، وعدم وجود قناعة لدي بعض الجماعات، بضرورة الانخراط في الحلول السلمية، بهدف إيقاف نزيف الدماء المستمر، منذ عام 2011.

التحولات الكبيرة على الساحة الدولية، على خلفية الاختلاف الكبير لدى إدارة البيت الأبيض، تجاه الأزمة السورية، ربما تشكل منعطفا كبيرا لمعالجة الأزمة خلال الفترة القادمة، اذ يمثل التفاهم الأمريكي - الروسي، قاعدة لوضع تصور للمرحلة القادمة، فالزيارة الأخيرة لوزير خارجية روسيا، مهدت الطريق امام وضع قواعد جديدة، للعبة القائمة بين البيض الأبيض والكرملين، على الساحة السورية، خصوصا وان التوتر الذي اتسمت به المواقف السياسية بين البلدين، خلال الفترة الماضية، لا يخدم الهدف المشترك، والمتمثل في محاربة الإرهاب، والتحرك باتجاه القضاء، على داعش في سوريا، نظرا لقرب اخراج التنظيم الإرهابي، من العراق على خلفية التقدم المستمر، للقوات العراقية في مدينة الموصل.

جولة جنيف الجديدة، ستضاف الى الجولات السياسية السابقة، فالآمال المعقودة ليست كبيرة، نظرا لإصرار كل طرف على التمسك، بمواقفه لمعالجة الأزمة المستمرة، منذ ست سنوات، بمعنى اخر، فالنظام يستند في مواقفه على النجاحات العسكرية الأخيرة، مما يضع في يد أوراق رابحة، على طاولة المفاوضات، فيما المعارضة تعول على التحول الأخير لدى إدارة ترمب، مما يدفعها للتمسك بموقفها الرافض، لتقديم تنازلات كبرى، مما يزيد من السقف الزمني، لاستمرار نزيف الدماء على الجغرافيا السورية.

الأجواء الدولية، لا توحي بممارسة المزيد، من الضغوط على الأطراف المتنازعة، في سوريا، خصوصا وان المصالح السياسية للأطراف المؤثرة، على الساحة السورية، تفرض تغذية الصراع بشتى الطرق، بمعنى اخر، فان الجولات الماراثونية، التي يخوضها النظام والمعارضة، سواء في آستانة او جنيف، تهدف لكسب الوقت واقتطاع بعض الوقت، لالتقاط الانفاس للانطلاق مرة أخرى، للدخول في معارك عسكرية لتسجيل نقاط جديدة على الخصم.

كاتب صحفي