آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 8:31 ص

نكسة حزيران.. والهزائم العربية

محمد أحمد التاروتي *

أحدثت نكسة حزيران صدمة بالشارع العربي، جراء الخسائر التي خلفتها، حرب الأيام الخمسة مع إسرائيل، فقد تمكنت تل ابيب من احتلال مساحات واسعة، تجاوزت باضعاف الحيّز الجغرافي الذي كانت تحتله، فالأحلام بطرد الاحتلال الإسرائيلي، من فلسطين تبخرت بشكل كامل، مما ولد تطورا كبيرا يتمثل في التحرك لإنهاء الاحتلال الجديد، من الأراضي العربية عوضا من الحديث، عن طرد اليهود من ارض فلسطين، بمعنى اخر، فان الحكومات العربية أخذت في عبر مسارات مختلفة، منها التحرك السياسي على المستوى العالمي، من اجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، من الضفة الغربية، والجولان السورية، وسيناء المصرية.

الحرب العسكرية التي خاضتها الدول العربية ضد إسرائيل، لتحرير فلسطين المغتصبة، لم تأت بما تشتهي السفن والشعوب العربية، اذ استطاعت إسرائيل إلحاق هزيمة ماحقة بالجيوش العربية، مما فرض واقعا عسكريا وسياسيا جديدا في المنطقة، جراء الفشل العسكري الذريع للجيوش العربية، التي دخلت في حرب مع إسرائيل، الامر الذي انعكس بصورة مباشرة على الواقع الاجتماعي والسياسي، لدى الشعوب العربية ولاسيما شعوب دول الطوق.

تأتي ذكرى نكسة حزيران في ظل واقع مرير، وبائس يعيشه العالم العربي، فالتخبط الذي كابده النظام العربي في عام 67، ما زال ماثلا باستثناء اختلاف الحقبة الزمنية، فالعقود الخمسة التي مرت على نكسة حزيران، لم تخلق واقعا جديدا للشعب العربي، اذ ما تزال الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الصعبة، السمة البارزة لدى غالبية الشعوب العربية، بمعنى اخر، فان الحياة الرغيدة التي بشرت بها غالبية الحكومات العربية، ذهبت مع الريح، نظرا لاستمرار الواقع الصعب، ولعل ابرزها تفاقم البطالة، وتفشي الأمية، واتساع دائرة الفقر، واستمرار الفوارق الطبقية بين الشرائح الاجتماعية، فالطبقة الوسطى في العالم في تلاشي مستمر، جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي يمر بها العالم العربي.

تمر نكسة حزيران على العالم العربي، فيما تواجه بعض البلدان خطر الزوال، من الخارطة الجغرافي ككيان موحد، جراء الحروب الأهلية الي تعيشها، خصوصا وان الربيع العربي ساهم في إشعال الحروب الطائفية، والنزاعات القبلية، اذ ساهم الانفلات الأمني وتلاشي سلطة الدولة في اندلاع النزاعات الداخلية، في بعض البلدان العربية، الامر الذي يهدد المستقبل السياسي لبعض البلدان العربية.

عام جديد على حرب حزيران، وأيام صعبة يكابدها المواطن العربي، جراء ارتفاع صوت الإرهاب في البيئة العربية، فالجماعات الإرهابية تمارس شتى أنواع الاجرام، تجاه المواطن العربي الأعزل، فهذه الجماعات المتطرفة تستخدم الدين، كغطاء لتبرير ممارساتها الاجرامية، الامر الذي أحدث فوضى كبرى، وإراقة انهر من الدماء، سواء بواسطة قطع الرقاب، او عن طريق السيارات المفخخة، او غيرها من الأساليب الإرهابية المختلفة.

كل نكسة حزيران، والمواطن العربي في بؤس دائم.. لا جديد يذكر على أوضاع الشعب العربي منذ 50 عاما، باستثناء استمرار الوعود الكاذبة، بمستقبل اكثر اشراقا، خلال السنوات القادمة.

كاتب صحفي