آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

المحامون يتهمون

أمين محمد الصفار *

أخذت مهنة المحاماة مؤخرًا إطارًا أكثر تنظيماً، مقارنة بفترة سابقة، كان المحامي حينها هو ذاك الشخص الذي تعلم وحفظ من خلال تواجده في قاعات المحاكم ما تيسر له من المعرفة ليصبح بعدها محامياً يترافع أمام القاضي بالخبرة ودون أي تأهيل أكاديمي أو مهني. حينها لم يكن متوافرًا سوى هذا النوع من المحامين، إلى أن ظهر لنا اليوم عدد من الكفاءات المختلفة ومن الجنسين تحمل التأهيل الأكاديمي والخبرات المختلفة التي مارست المحاماة في أكثر من بلد عريق في ممارسة هذه المهنة وفي سن وتطوير القوانين والتشريعات المختلفة والتي تنظم هذه المهنة.

وفي هذا الطور، ظهر لدينا أيضا عدد من المحامين الذين يسببون قلة عدد من يلجأ لخدمات المحامي في الأمور القضائية يرجعونه لقلة الوعي القانوني بين الناس.

لعله من غير المجدي مناقشة هذا الرأي، حيث درجة العادة على إلقاء مسؤولية أي إخفاق أو قصور على الناس، لكن يمكننا ملاحظة جانبين مهمين الاول: هو الجهود الكبيرة التي تُبذل لتطوير وإصلاح المنظومة القضائية برمتها منذ سنوات ومازالت إلى اليوم. وفي هذا تأكيد على أهمية إصلاح المنظومة القضائية.

والجانب الآخر: يمكننا ملاحظة الشعور العام في أن دور المحامي مازال ليس فاعلاً أو مؤثراً في المنظومة القضائية الحالية بالشكل الذي يجعل المستفيد من خدمات المحامي يقبل بدفع مبالغ كبيرة قد لا تقل عن تلك التي يدفعها الأمريكي - مثلاً - في بلاده مقابل تلك الخدمات التي قد لا تكون ملموسة في مسار قضية ما.

لعل المطلوب من كل أطر ومنتسبي مهنة المحاماة في هذه المرحلة خصوصًا - بدلاً من إلقاء اللوم على وعي الناس - هو نفس المطلوب من شركات التأمين - تأمين السيارات كمثال وكذا التأمين الصحي - وهو قدرة التأثير على تطوير معايير بناء وصيانة الطرق وكذلك التأثير على تطوير العمل المروري الميداني والتحكيمي، كي تكون الصناعة التأمينية مبنية على واقع حقيقي واضح ومستقر، يتوائم مع هذا النوع َمن الخدمات الحديثة بحيث يمكن للناس كما المختصين أن تستشعره وتثق به.

بالرغم من بُعد النموذجين عن بعضهما في الشكل، الا انني أرى أن هناك تشابه واقعي بينهما بل أن هناك تكامل بينهما أيضا، فمتى ما أصلح المحامي المنظومة والبيئة التي يعمل فيها واصلحت شركات التأمين ما هو مطلوب منها، سوف يصبح مجال القضاء المروري - كمثال - هو رافد آخر لتعزيز وانتشار مكانة مهنة المحاماة في المجتمع وتحقيق التفاعل الإيجابي المنشود وبالتالي تطور الوعي والثقافة القانونية بين الناس.