آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

أوبك.. توازن السوق

محمد أحمد التاروتي *

حاولت أوبك إيجاد الارضيّة المشتركة، مع الدول المنتجة الأخرى، من خلال التعاون المشترك لتقليص الإنتاج، بغرض امتصاص الفائض، وتوفير المناخات المناسبة، لوقف تدهور أسعار النفط، في الأسواق العالمية، بيد ان تلك الجهود ما تزال موضع شك، في القدرة على تعافي الأسعار، نظرا لبروز عوامل جديدة، ومنها زيادة نيجريا إنتاجها، وكذلك فعلت ليبيا، الامر الذي يضع أعضاء أوبك، امام تحدي كبير في المرحلة القادمة.

الجهود الكبيرة التي بذلها كبار المنتجين «السعودية - روسيا»، ساهمت في تعزيز التعاون بين الدول المصدرة من أوبك وخارجها، الامر الذي أحدث نوعا من التفاؤل في تحسن أسعار النفط، ومسح مرحلة استنزاف الأسعار، الذي بدأ في منتصف 2014، لينخفض لاقل من 30 دولارا مقابل 114 دولارا، بيد ان تلك الامال العريضة تراجعت مع وجود خروقات، بالالتزام بالحصص المقررة، وفقا للاتفاق المبرم بين أعضاء في نوفمبر الماضي.

تحسن أسعار النفط مرتبط بوجود إرادة قوية لدى كافة الدول المصدرة بخفض المعروض بما ينسجم مع الطلب العالمي، خصوصا وان تراجع إيرادات بعض لدول المنتجة على خلفية انخفاض الأسعار يدفعها للاستمرار في الإنتاج بكميات تتجاوز الحصص المقررة، من اجل توفير السيولة اللازمة، للوفاء بالالتزامات المالية الداخلية والخارجية، الامر الذي يفاقم أزمة التخمة التي تعاني منها الأسواق العالمية، خصوصا وان الركود العالمي، وتراجع معدلات النمو لدى الدول الصناعية، وبلدان الشرق الأقصى، يحول دون القدرة على استهلاك الكميات المنتجة يوميا، وبالتالي فان اختلال توازن العرض والطلب، ينعكس بصورة مباشرة على القيمة السوقية.

التحرك الأخير الذي تقوده الدول المنتجة، لخفض الإنتاج خطوة إضافية، تضاف الى الخطوات السابقة الساعية، لتحسين أسعار النفط، بيد ان غياب التنسيق المشترك يشكل احد التحديات الحقيقية، في القدرة على تخفيف مستوى المعروض العالمي، لاسيما وان التوازن بين العرض والطلب، يمثل السبيل الوحيد لبدء مسلسل ارتفاع الأسعار مجددا، فهناك شكوك في التزام بعض الدول المنتجة، في التحكم في مستوى الإنتاج، خصوصا وان بعض الدول التي تعيش حروبا، واضطرابات سياسية، ومشاكل اقتصادية، ستجد نفسها تغرد خارج السرب، من اجل زيادة الإيرادات، لرفد خزينة الدولة بالموارد المالية المطلوبة، لتسديد بعض الفواتير الداخلية والخارجية.

المراهنة على العوامل السياسية، في تحريك الأسعار، بالاتجاه التصاعدي لم تعد مجدية، خصوصا وان العوامل الاقتصادية باتت المحرك الأساس، في تحديد القيمة السوقية للذهب الأسود، في المرحلة الراهنة، فالأزمات السياسية المتعددة التي تشهدها المناطق القريبة، من مصادر الطاقة، لم تنعكس على الأسعار خلال الفترة الماضية، مما يعني ان العوامل السياسية، باتت خارج معادلة تحديد الأسعار، الامر الذي يدفع الدول المنتجة، للتركيز على العوامل الاقتصادية، لتحريك القيمة السوقية للنفط، عوضا من التعويل على العوامل الجيو سياسية.

كاتب صحفي