آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

لماذا أكل سيدنا آدم (ع) من الشجرة التي نهاه الله عنها؟

زاهر العبدالله *

لا معصية أصلاً في المقام. حسب الاستعمال السابق للفظ. فإذا وصلت لنا هذه الحقيقة يبقى البحث في دليل خارج من القرآن والعترة عن هذه المسألة فإن تعذر يبقى باب التأويل وهو الطريق الآمن لحفظ مقام الأنبياء لوجود قرائن محكمة متمثلة في عصمتهم . والمعروف في المتشابه في مثل موردنا في هذه الآية لفهمها علينا أن نعود فيها إلى المحكم الثابت في حقهم وهو أن المشهور عند الطائفة حين يسألون عن الأنبياء. هل الأنبياء والمرسلين والأوصياء الطاهرين معصومون عن الذنوب والمعاصي؟

الجواب: مشهور علمائنا بالقطع واليقين أنهم معصومون وعليه يستحيل عليهم أن يرتكبوا القبيح. فلو فرضنا جدلاً أن هناك قبيح في ساحتهم سيكون أنهم قصروا في التكامل والعروج لرحمة الله سبحانه وكما قيل. «حسنات الأبرار سيئات المقربين» هذه عبارة ليست مأثورة من سيرة أهل البيت ولكن جوهرها صحيح

⁩ الآن نعود لآدم

من خلال الآية المباركة ﴿إِنَّ لَكَ أَلّا تَجوعَ فيها وَلا تَعرى [طه: 118]﴿وَأَنَّكَ لا تَظمَأُ فيها وَلا تَضحى[طه: 119]هذه صفات الجنة فهل يكون فيها ماهو قبيح؟ يستحيل عقلاً ونقلاً ثم يأتي مورد الأشتباه هنا في قوله تعالى﴿فَوَسوَسَ إِلَيهِ الشَّيطانُ قالَ يا آدَمُ هَل أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الخُلدِ وَمُلكٍ لا يَبلى[طه: 120] هنا الوعد الكاذب من أبليس ولكن هو حسن في جوهره هنا يأتي الطمع والرغبة من قبل ادم بأن يكون أقرب الخلق من ربه ضامناً أنه لن يخرج من رحمته ولطفه فأنساه ذلك تحذير ربه من أن يتخذه عدوا لأن الباب الذي دخل منه هو زيادة القرب من الله سبحانه أن هو أكل من الشجرة ولاحظ ما يقوله أبليس لأدم ﴿وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَن هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلّا أَن تَكونا مَلَكَينِ أَو تَكونا مِنَ الخالِدينَ[الأعراف: 20]

لاحظت المدخل أخي العزيز ﴿تكونا ملكين وقد رأوا الملائكة كيف أنهم مشغولين يقدسون الله ويسبحونه وهذه أمنية المؤمن العابد المخلص والذائب في حب الله سبحانه وأنه يريد التقرب لساحة القداسة الربانية. والوعد الثاني «تكونا من الخالدين وهذا طمعا ورغبة أخرى يرغب فيها العابد بأن حياته كلها دون نهاية لها تكون منذورة للحق سبحانه. فهذه الأماني العليا قللت عزم آدم فنسي نهي الله له من هذه الشجرة كما في قوله تعالى ﴿وَلَقَد عَهِدنا إِلى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزمًاٍِِِِِ[طه: 115] بعد هذا الإيضاح هل يتبادر للذهن أن مصطلح العصيان المستعمل في عالم الملكوت له نفس المعنى في عالم التكليف فتأمل جزاك الله الف خير

أما أن آدم بكى حتى حفر خده من البكاء لأنه أخرج من الجنة! بعد ما بينا طمع آدم في التقرب لله فلا محل لصحة ذلك الادعاء عليه

واخيراً: أن للأنبياء درجات من الحق سبحانه وتعالى وأعلى تلك الدرجات هم محمد وال محمد وهذا التمييز لا يكون لكل معصوم إلا بعد اختبارات يبتلي بها الله سبحانه أولياءه فكلاً حسب عزمه وصبره والتزامه مهما صغر لأوامر الله ونهيه فتحدد درجته وقربه ومنزلته من الله سبحانه وتعالى تجد هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿تِلكَ الرُّسُلُ فَضَّلنا بَعضَهُم عَلى بَعضٍ مِنهُم مَن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعضَهُم دَرَجاتٍ[البقرة: 253]

  الخلاصة ياغالي:

لا يحق لنا سؤال الحق سبحانه عن فعله وليس لنا حق نقد عمل قام به المعصوم لأنه الأقرب منا إلى الله سبحانه وأعرف بتكليفه منا وليس لنا حق تعليم المعصوم ما يجب عليه فعله

وإذا ظهر لنا ما يشتبه علينا لا نقيسه ونسقطه على أفعالنا ولا أنفسنا المليئة بالذنوب والمعاصي بل علينا التقوى في لحوم علمائنا الأبرار فضلاً عن أنبياء الله ورسله وأوصيائه الأخيار. والحمد لله رب العالمين.