آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

المرايا تبعث الوراء مسافة نُبصرها

جمال الناصر

استنقاص الآخرين، له ألوانه المختلفة، ذات مساء أشبه ما يكون، كمرايا عاكسة الضوء، تبعث الوراء مسافة نُبصرها، حيث هي هنا. ومن حيث هنا، وليس هناك، كانت الفكرة، تستشري التأمل، حينها، بعض المواقف الحياتية، تمنحك استجلاء اليراع، لتبثه لغة، يُتقن فكرتها كل واقف ذات لحظات بين شرفات الشاطئ من حولنا. لم يعد استنقاص الآخرين حالة صامتة، يُعاني ويلاتها ذاتيًا، كل مُبتلي بها، لتكون حالة تسقيط، حالة تستفحل غيرة وحسدًا، حبًا للتملك، الذي يُوصفه علماء النفس، بحيث لا يأنس بتحقيق الآخربن الإنجازات الصغيرة منها والكبيرة على حد سواء.

يلجئ البعض في العالم الفوتوغرافي حقيقة إلى اتباع أساليب لا تتسم بالحياة الكلية، ليقبعوا في الفردية. إن البعض من الفوتوغرافيين - أقول البعض فلا أحد يجي ينط -، يستفيض غضبًا، تهكمًا حين يتناول أي صحافي كتابة خبر صحفي عن منجز فوتوغرافي، لأحدهم مقللاً من هذا الإنجاز بسبب صغره - يا للهول أسعفني يا أبى الحروف -. بأي حق يُلام صحافي، حين يكتب عن منجز، يعتبره البعض صغيرًا، أليس الإنسان، يمشي خطواته - خطوة تعدوها خطوة -، في سبيل الوصول إلى القمة، هل يُولد الإنسان مبدعًا، ليمارس عليه هكذا أساليب، إن لم يكن مبدعًا، ليسعى إلى الإبداع بكل همة ونشاط، أليس تميز الآخرين، يُمثل تميزًا لنا. إن الأجدر في أن يكون الإنسان، كبيرًا في إنجازاته، متواضعا باتجاه هذه الإنجازات من خلال تعامله مع أقرانه في الفن الفوتوغرافي.

إن البعض من المشتغلين في الصحافة، يُقاسي الكثير من العقبات، إن كانت مادته الإعلامية، تتناول منجزًا فوتوغرافيًا، لتخترقه ”النفسيات المريضة“ من جهة، وفي الأخرى، تُعاني شُحًا ثقافيًا، كثقافة التعامل مع الآخرين. هنا لا نقلل من شأن أحد - لا سمح الله -، حيث هناك الكثير من الفوتوغرافيين على حد النقيض، تجدهم متعاونون حبًا، مثقفون وعيًا، تواضعهم يُخجلك حد الخجل وأكثر. في الواقع ومن خلال التعامل مع البعض، ينتابك شعور بأنك لا حيز، يحتويك، بكون - البعض - قد وصل إلى القمة العاجية الملمس والألماس، وأنت لازلت جالسًا على خشبة في قارعة الطريق، تنتظر رشفة ماء بارد. إن ظاهرة الاستننقاص والتهكم على الآخرين وإنجازاتهم، ليست محصورة في الفن الفوتوغرافي، إنما هي ظاهرة عامة اجتماعية، أخذت ذروتها في الانتشار، تزامنًا مع التطور التكنولوجي، الذي فسح المجال بكل أذرعه وزواياه، ليكون الشخص، أنانيًا و”سوبرمان“ الشهرة.

من الجميل فعلاً، أن يفتح الكبير بإنجازاته، روحه وقلبه، لمن يصغره، يأخذ بيديه ناحية التألق والتميز، لا أن يكون حجر عثرة في طريقه وأحلامه، وكل أمنياته. كمجتمع كلنا فخر بالفوتوغرافيين، لقد أسعدونا بإنجازاتهم وتطلعاتهم إلى مستقبل مشرق، أكثر إشراقًا. خذوا بأيدي بعضكم البعض، شدوا على الإبداع. إن القلوب إذا ما كانت قلبًا واحدًا، والعدسة حين تكون في عناق العدسة الأخرى، سنبصر الجمال من خلالها، لنستمتع ونسعد كل السعادة، فإن القطيف ولادة بالمبدعين.