آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 7:29 م

ثقافة الرشد

محمد أحمد التاروتي *

يمتاز بعض البشر عن نظرائهم، بالقدرة على الاختيار الصائب، وتجنب القرارات الارتجالية، من اجل تحقيق النجاحات، وتقليل الخسائر، فعملية تحديد الخطوات السليمة، تأتي بعد دراسة وافية، ووضع أسوأ الاحتمالات لامتصاص المفاجآت، والبحث عن الحلول المناسبة، الامر الذي ينعكس على صورة تجاوز مطبات الحياة، واجتنباب الأفخاخ الكثيرة، لاسيما وان المصاعب بمثابة الضريبة الطبيعية، لمشوار التقدم والنجاح.

امتلاك القدرة على تمييز الخيار الصحيح، من الخاطئ امر بالغ الأهمية، كخطوة أولى وأساسية في مشوار الحياة الناجحة، ”لسان العاقل وراء قلبه، لسان الجاهل مفتاح حتفه“، بمعنى اخر، فان استخدام العقل مفتاح للخير، والانطلاق باتجاه كسر القيود، التي تكبل حركته نحو مشوار النجاح، فيما الجاهل يورد صاحبه في المهالك، وبالتالي فان السير وراء أصحاب الخيارات الخاطئة، امر محفوف بالمخاطر، ”استخف قومه فأطاعوه“.

ثقافة الرشد تمثل العصا السحرية، لتجنب الوقوع في المستنقعات والأوحال، فالمرء الذي يمتلك القدرة على تمييز القرارات، ذات الأثر الإيجابي، سواء في المرحلة الانية، او المستقبلية، بامكانه تبوأ المكانة المرموقة، وتجاوز اقرانه في البيئة الاجتماعية، بخلاف الاحمق الذي يختار القرارات الخاطئة، مما يجعله يتخبط في المشاكل، ويعيش في دوامة من يصعب الخروج منها.

عملية الاختيارالصائب، احدى ثمار رجحان العقل، وامتلاك رصيد وافر من تجارب الحياة، فضلا عن دراسة دروس الاخرين، او الاستفادة من خبرات البعض، خصوصا وان المرء يمتلك من الأدوات العديدة، ما يؤهله لوضع العديد من الخيارات، قبل الأقدام على العمل، فكل خطوة تتطلب التفكير الجيد لتفادي التداعيات السلبية، ”يا كميل: ما من حركة الا وانت محتاج فيها الى معرفة“، لاسيما وان الدخول في المشاريع على اختلافها، تحمل في طياتها العديد من الاحتمالات، والارتدادات سواء من الناحية الإيجابية او السلبية، فيما العاقل بامكانه اقتناص الجوانب الإيجابية، والابتعاد عن الجوانب السلبية.

الشخص الراشد يمثل قطب الرحى، بالنسبة لشرائح عديدة من المجتمع، نظرا لقدرته على تحديد الخيارات الصائبة، وامتلاكه الخبرة اللازمة، لتقديم المشورة السليمة، الامر الذي يفسر حرص الشركات والمؤسسات، على التعاقد مع بيوت الخبرة والمكاتب الاستشارية، من اجل وضع الدراسات اللازمة، لتفادي الفشل وتفادي الخسائر وتعظيم الأرباح، خصوصا وان الشركات التي تعمل بدون رؤية، معرضة للخروج من السوق، وعدم القدرة على الصمود في وجه المصاعب، التي تواجهها، نظرا لافتقارها للرؤية الواضحة، والأهداف المرسومة، ”هلك من ليس حكيم يرشده“ وقديما قالوا ”النصيحة بجمل“.

سيطرة الرشد في أفراد المجتمع، يقود الى التقدم في مختلف المجالات الحياتية، اذ تختفي جميع الممارسات الارتجالية، ويتغلب تحكيم العقل في العلاقات على اختلافها، مما يضع المجتمع في المقدمة على الدوام، نظرا لاتخاذ القرارات القائمة على الدراسة المتأنية، فيما تمثل القرارات الارتجالية وبالا، وخرابا على المسيرة الاجتماعية، فما بني على باطل فهو باطل، ”أليس فيكم رجل رشيد“.

كاتب صحفي