آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:48 ص

رحل حسن السبع وأنين القرنفلة يسترجع الصدى

فؤاد نصرالله

رحل شاعر الإبتسامة والصور الشعرية الكاريكاتورية المتهكمة، الشاعر الرقيق الذي رسم من صور الحياة مشاهد خالدة مازالت ضربات ترجيحها تصدح في ردهات الثقافة وقاعات الشعر

إن التوجه الفكري للشاعر حسن السبع مؤسس على ركائز ومداميك صلبة، وهو ما يمكن أن نحسبه على تجربته الشعرية الطويلة، واجتهاده السردي الحديث، في مقالاته الثقافية الهادفة.

وهنا ألفت إلى أن العلاقة بين تجربة الشعر وتجربة السرد في مفهوم الفقيد هي علاقة تكامل، لا علاقة تفاضل، فهو يرى أن الشاعرية التي تميز توجهه القديم تتماس مع مناطق نثرية يموج بها العالم ويمكنه رصدها في أطرها المتنوعة.

كما إن التراث الشعري الذي يستمد منه الشاعر السبع أفكاره تنسجم مع موقفه المتقدم من الحداثة، فهو ابن لها مع مسحة ساخرة تظلل انتاجه كله؛ لكوننا نكتشف مع مضي الزمن أن الحياة يمكن أن تكون محتملة بقدرتنا على ممارسة البهجة.

ويمكن القول أن التجارب الشعرية الفرنسية أمدته بأفق ينفتح على تجربته الشخصية التي تراكمت عبر سنوات طويلة مارس فيها أدوار البحث والتنقيب عن مفاهيم أدبية عربية ذات قوام متماسك.

كذلك فإن الروح الساخرة لدى الشاعر حسن السبع أمدته بثروة من الكتابات التي تشمل حسا كاريكاتوريا، تمكن من خلاله من فك شفرة القضايا التي ما زال أغلبها يقض مضجع الإنسانية كلها.

وكذا اقتناص المفارقة عبر نصوصه التي تتسم بالدهشة، وتبتعد عن العادية فهي هدف كل كاتب حقيقي، وأن اصطفاء القصائد ووضعها بين دفتي كتاب أمر ليس بالسهل. الكتابة ممكنة، لكن فعل الإجادة والتجاوز والتخطي مسؤولية كل كاتب حقيقي.

وتلعب الألوان دورا كبيرا في نصوصه فهي بوابة مناسبة تتيح له التعبير عن دخائل النفس بأريحية بالغة، ويوجد في ذاكرته أشكال متنوعة لبلاغة الألوان.

إن مثل هذه الرؤية الإشراقية تتغلغل في قصائد الشاعر السبع حيث يمنحها حكمة مضاعفة، فنراه يحوم في فضاءات بعيدة ليضع يده على الحقائق الإنسانية الخالدة الحب، الحياة، الموت. حتى أننا نجد لقطيعة لغة ما يرصدها الشاعر بقدر كبير من الحنكة:

تبدد قرنفلة شذاها

في القطيعة

وتبدد أنت الثواني

معلقا بين الشذا

وكبرياء الانف

وتتساءل:

هل يبدد العالم وقفته سدى؟

وهكذا لم يعد الشاعر السبع ينصت لانين القرنفلة، ويتحدث عن القطيعة، أو يستمر مصمما على فهم معادلات الكون في انكسارته وصبواته وطموحه وعذوبته وعذاباته، فقد رحل إلى وأطلق العنان لأنين قرنفلته يتتبع بقايا صداه.

حسن السبع شاعر رهيف الإحساس، وإنسان نبيل يفهم أبجديات الحياة ويتعامل مع مكونات المعرفة بشيء من الشجن النبيل. لك الخلد ياسيد الشعر والسرد.