آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

ضحكة طويلة «1»

محمد العلي * صحيفة اليوم

ليس مهما ان تكون في يدك محارة، المهم هو لحظات الترقب لما فيها، هناك ترفرف المخيلة على كل قصص شهرزاد الضاحكة والباكية، فقد تنفلق المحارة عن لا شيء، وهنا يندلع الظلام الحزين، وقد تنفلق كالصبح اذا تنفس عن لؤلؤة لم يحلم بها السندباد البحري.

ذلك هو «الترقب» الذي اجتاحني عندما التقيت لأول مرة بالشاعر السياب وثانيا بالشاعر حسن السبع، كانت شهرة السياب تسبق رؤيته، لذا ترتبك عند رؤيته نصف ارتباك اما عند رؤية السبع فسوف تخطئ في التوقع، فعند ظنك بأنك ترى مجرد محارة اذا به ينفلق عن كل لآلئ البحار.

حين داهمني نبأ موته كنت في بيروت، فتمثلت بقول الشاعر محيي الدين فارس، الذي يسلك فيه نهج أبي ماضي:

السراج الواهج اليقظان

من أطفأ سحره

والفضاء الحالم الهيمان

من أسكت طيره

بعد أن غاصت إلى

أعماقه الزرقاء فترة

أمضت؟! ثم استراحت

في خبايا الموج قطرة؟

كان لا يدري خطاه

أتراه الآن يدري؟

لست أدري

كنت على يقين أن أصدقاءه الكثر سوف يتسابقون إلى رثائه وسيكون شعره هو ميدان ذلك السباق؛ لكشف مواقع الجمال والتجاوز فيه.. غير أن شعره في نظري لا يتيح معرفة أبعاده المترامية الكثيرة الإبداعية مثل الذي تتيحة روايته «ليالي عنان».

«ليالي عنان» حلم يقظة بطلها «التداعي» والتداعي شرطه أن يكون غير إرادي، ولكنه هنا يتدفق بصورة إرادية واعية، وينقلك من أفق إلى أفق ومن بحر إلى صحراء ومن عالم إلى عالم، بحيث ترى الحياة كلها، التاريخ كله قد أصبح «ضحكة طويلة» أصبح عالما بلا مشاكل ولا تساؤلات، لقد انصهر الماضي والحاضر والمستقبل وأصبح الزمن كله عاشقا ضارعا بين يدي عنان..

كيف وحدت - يا أبا نزار - بين أزمنة ثلاثة جاعلا منها كيانا واحدا أو ضحكة طويلة؟!

وصلت إلى ذلك بالكلمات «وحدها الكلمات قادرة على إذابة وصقل الماضي والحاضر والمستقبل في كينونة واحدة، وحدها الكلمات قادرة على التحرر من الترابط الزمني» ص 397.

كاتب وأديب