آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

هل هو إبنك أَم إبن المدرسة؟

عبدالله الحجي *

في كل مدرسة يوجد قائمتان: إحداهما بيضاء قد زهت بأسماء الطلاب المتفوقين والقائمة الأخرى سوداء لأبرز الطلاب ذوي السلوك السلبي والأخلاق غير الحميدة. القائمة البيضاء تُنشر بكل فخر في أركان المدرسة ليطلع عليها الجميع وليكون فرسانها قدوة ومحفزا للطلاب الأخرين ليكون لهم مكانا فيها في السنوات اللاحقة، وذلك ليس مستحيلا متى ماتوفرت الإرادة والعزيمة والجد والمثابرة.

أما القائمة الأخرى لاتُنشر في المدرسة حفاظا على كرامة وسمعة الطلاب من التشهير بهم، حتى وإن كان الطلاب أنفسهم مع الأسف لايراعون ذلك ولاتهمهم سمعتهم وكرامتهم، ولاسمعة عائلاتهم بتصرفاتهم المنفرة لمن حولهم، وسلوكهم غير المرغوب فيه، وأخلاقهم غير الحسنة مع زملائهم ومعلميهم. تصرفات وسلوكيات لاتليق بأبناء في عمر الزهور من تدخين، وقصات شعر، وعدم احترام العلم والمعلمين والطلاب، وألفاظ نابية، وتأخير في الحضور، وتسيب وخروج من الفصول، وعدم الاهتمام بالنظافة، وعدم المحافظة على الممتلكات العامة وغيرها من المخالفات من مختلف الدرجات.

وإن كانت النسبة ضئيلة في كل مدرسة حسب الموقع والبيئة ولكنها تشكل إزعاجا وفوضى وعدم استقرار في المدرسة، ويُخشى من تأثيرها على سلوك الطلاب الآخرين الملتزمين بالسلوك والمنضبطين. هؤلاء الأبناء أيضا يشكلون حرجا كبيرا على آبائهم مما يضطر البعض منهم الهروب وتهميش دعوات المدرسة لكي لايكون في مثل هذه المواقف المحرجة والمثول أمام إدارة المدرسة والاستماع إلى مالا يرتضيه عن إبنه من سلوكيات وأخلاقيات. ولكن ذلك ليس هو الحل والهروب لايعالج المشكلة من جذورها ولابد من التعاون والتكاتف مع المدرسة لتحقيق التكامل بين المدرسة والأسرة لمعرفة الأسباب الحقيقية، ومعرفة قرناء السوء لإبنه، واتخاذ الحلول الناجعة لتعزيز السلوك الجيد وتقويم السلوك السئ.

زيارة ولي الأمر للمدرسة مهمة جدا حتى بدون استدعاء من المدرسة أو بدون مخالفة، ويمكن أن تحمل بين طياتها عدة أهداف للتعرف على مستوى إبنه وسلوكه والمعوقات والتحديات التي تواجهه، والتعرف على معلميه ومدى كفاءتهم ومهارتهم ومد جسور التواصل معهم، وكذلك الاطلاع عن كثب على بيئة المدرسة ومدى ملاءمتها من حيث الصيانة والنظافة والأنشطة. كما يمكنه التشاور مع قيادة المدرسة في الكثير من الأمور التي من شأنها تحسين وتطوير المدرسة والارتقاء بالتعليم فيها لتخريج أجيال يعول عليهم في خدمة الوطن. زيارة ولي الأمر لها أثر ووقع كبير على نفس الإبن وتجعله يشعر بالفخر والاعتزاز أمام زملائه باهتمام والده به وحرصه على تعليمه وتخصيص ساعة من وقته الثمين لزيارة مدرسته والسؤال عنه، وتعكس للمدرسة مدى اهتمامه بإبنه ومتابعته له داخل وخارج المدرسة. الكثير من أولياء الأمور لايعرفون طريق المدرسة إلا أثناء الاجتماع السنوي لمجلس الآباء والبعض منهم تُغيبه مشاغله والتزاماته الأخرى التي يوليها أولوية أكثر من هذا اللقاء. على الرغم من أهمية هذا اللقاء إلا أنه يعتبر متأخرا للسؤال عن الإبن وينبغي أن يسبقه أكثر من لقاء منذ بداية العام قبل وقوع الفأس على الرأس من الناحية التعليمية، والانفلات السلوكي والأخلاقي لفلذات أكبادنا من البنين والبنات.