آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

مجزرة الروضة

محمد أحمد التاروتي *

لم تخرج مجزرة مسجد الروضة بمصر، عن الاعمال الإرهابية، التي ترتكبها الجماعات المتطرفة، فهذه العصابات الاجرامية اقدمت على ارتكاب الفظائع، وممارسة القتل بدم بارد، فالإرهاب لا يفرق بين طفل او كبير او رجل او امرأة، الامر الذي يفسر المجازر التي يرتكبها في المساجد، والاسواق، والمدارس، والشوارع العامة، فضلا عن استهداف رجال الاجهزة الامنية.

منذ بروز الجماعات على الساحة السياسية، ارتكبت مئات العمليات الإرهابية، التي اودت بحياة آلاف الأبرياء، فالفكر المتطرف الذي يحرك هذه العصابات التكفيرية، يبرر مختلف المجازر التي ترتكبها، وبالتالي فان التعامل مع هذه النوعية من الجماعات المتطرفة، بطريقة أمنية يمثل تحركا مهما، بغرض القضاء عليها، بيد ان محاربة الفكر التكفيري يتطلب وضع استراتيجية طويلة الامل، لاجتثاث الفكر من المجتمع، من اجل إشاعة التسامح والاعتدال، عوضا من سيطرة الاقصاء، واستباحة اراقة الدماء.

مجزرة مسجد الروضة بسيناء المصرية، تؤشر لمرحلة اكثر صعوبة، في مواجهة الارهاب، والفكر الإقصائي، فالضربة الموجعة التي وجهت لمشروع الارهاب، يدفع تلك الجماعات، لمحاولة ارتكاب مثل هذه المجازر، لايصال رسائل سياسية، لمختلف الدول العالمية، خصوصا وان مشروع دولة داعش تبخر بدون رجعة، جراءالهزيمة الماحقة التي لحقت بداعش في العراق وسوريا، فقد استطاعت القوات العراقية طرد جماعة ابو بكر البغدادي من المدن، التي احتلها منذ سنوات، وكذلك الامر بالنسبة لتواجد داعش في سوريا، الامر الذي دفع هذه الجماعات لمحاولة التعبير عن تواجدها، بارتكاب مجزرة في احد المساجد، اثناء اداء صلاة الجمعة.

التعاون الأمني بات ضرورة لمواجهة الخطر القادم، لاسيما وان الخلايا النائمة للجماعات الإرهابية، ستحاول التحرك للإخلال بالاستقرار، في العديد من الدول العربية، لاسيما وان العديد من العناصر التكفيرية، عادت لاوطانهم بعد انهيار دولة داعش، مما يستوجب متابعة تلك العناصر المتطرفة، باعتبارها قنابل قابلة للانفجار بين فترة واخرى، بمعنى اخر، ان الفاجعة التي ضربت مصر، وأدت لسقوط المئات يوم الجمعة الماضي، احدثت صدمة كبرى، باعتبارها المرة الأولي التي تستهدف احد المساجد، وبالتالي فان المجزرة أوجدت قناعة ان الجميع مستهدف في مصر، اذ لا يوجد فرق بين مسلم ومسيحي، ومواطن عادي ورجل الامن، الامر الذي يفرض على الحكومة المصرية التعامل بحزم، وقوة للتعاطي مع التطور الكبير، لدى الجماعات التكفيرية.

فاجعة مسجد الروضة، تعتبر حلقة من حلقات الرعب والارهاب، الذي تمثله الجماعات المتطرفة، على المستوى العالمي، فقد سجلت السنوات الماضية الكثير من المجازر، التي طالت الأبرياء بالدرجة الاولى، اذ قامت تلك الجماعات بتفجير المدارس والمساجد، والاسواق في العراق والمملكة والكويت وليبيا وتونس والاْردن وغيرها من الدول العربية، فضلا عن العمليات الإرهابية التي استهدفت الدول الأوروبية، سواء بواسطة الدهس، او مهاجمة محطات القطارات، او الملاعب الرياضية والمسارح، وغيرها من المرافق العامة.

إرادة الحياة، والتلاحم في المجتمع الواحد، عوامل أساسية في هزيمة أهداف الارهاب، في تمزيق المجتمعات العربية، خصوصا وان الجميع يدرك الغايات من وراء مثل المجازر، فمهما حاول الارهاب فرض التوحش عبر القتل، فان الشعوب قادرة على تفويت الفرصة، على الجماعات التكفيرية.

كاتب صحفي