آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:16 م

الشيخ علي الفرج... الحضور بوجه آخر

محمد أبو زيد

الشيخ علي الفرج قامة علمية وثقافية وأدبية، عرفته منذ اكثر من ربع قرن من الزمن، إنساناً وقوراً في هيئته وفاضلاً في مجلسه وحكيماً في نظرته ومُلْهِماً في قوله ومُلْهَماً في شعره وأدبه وطموحاً في رؤيته ومتحمساً في مشروعاته وباحثاً عميقاً في أطروحاته وفيلسوفاً في تأملاته ورقيقاً في مشاعره ورائعاً في كلماته وطفلاً في ضحكاته...

واذا كان ”قدرُ الرجل على قدرِ همته“ كما يقول الإمام علي فإن الفرج ليس لطموحه ضفاف ولا لهمته شاطئ... يعشق الإبحار وتستهويه الأمواج العالية والعاتية لا يعرف زورقه السكون ولا يرهق ساعده أدارة المجاديف...

”وقور عند الهزاهز، ثبوت عند المكاره، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، الناس منه في راحة ونفسه منه في تعب، العلم خليله، والعقل قرينه، والحلم وزيره“..

عرفته أديباً أصيلا وشاعراً مبدعاً ومجدداً... شاعر المرايا والماء والغمام والسحاب... مفردات ينثرها في شعره ويفيض بها نثره، يوظفها بألق مبهر ويطوعها بسطوع لا تكاد ترى إشراقه الا في لغته الشعرية وشاعريته المترفة وخياله الثر..

في نثره خيال وعمق ورؤية كما في شعره، تلامس كلماته شغاف القلب وتلهب الحس المترف، يدهشك وانت تصغي اليه ويأسرك وأنت تتذوق كلماته ويحلق بك في فضاءات المعرفة عندما تسافر معه في تأملاته.. يزيد في علمك منطقة وتذكرك الله رؤيته!!

تتعجب من غزارة اطلاعه على المدارس الأدبية وتتبعه للدراسات والبحوث المتخصصة في هذا المجال... يسكرهُ النص الجميل، ويحلق في فضاء الكلمة الرقيقة فيرق ويذوب، ويغوص في لجج المفردة العميقة فيسمو ويصفو..

ظاهرة متميزة في مجتمع طلبة العلوم الدينية.. يمتلك حساً انسانياً ومشاعر رقيقة وقدرة على استنطاق النص القرآني والروائي والأدبي دون أن يلوي عنقه وينال من شموخه وروعته...

غزير الانتاج في مجالات الشعر والأدب والدراسات اللغوية والبحوث القرآنية والروائية والتاريخية..

تدل نتاجاته على علو كعبه وعمق فهمه ونهمه العلمي وشغفه الفكري وتألقه العقلي..

من يطّلع على كتاباته ودراساته يشهد له بذلك فقد بهر النقاد والأدباء بالعديد من نصوصه الشعرية المتألقة التي شارك بها في منتديات ومحافل أدبية جمعت كبار النقاد والشعراء والمتذوقين...

من يتذوق الشعر ويعشق الأدب الأصيل، يجد ضالته في أدب الشيخ وشعره ودراساته الرصينة.. اذكر أن الكاتب الاستاذ المرحوم عبد الله الغشري اختار الشيخ علي الفرج ذات نهار فخصص عموده اليومي في صحيفة الحياة للحديث عن كتابه ”كائن اللغة“ وأثنى عليه ثناء عاطراً وتمنى لو يتحول هذا الكتاب الى منهج دراسي لكليات الأداب في جامعات المملكة.. ثم ختم المقالة بأبيات من قصيدته الرائعة ”الحضور بوجه آخر“، التي يخاطب فيها الإمام المنتظر ..

بغير وجهك قد ضاعت ملامحنا
وكل أوجهنا في الأفق تنطفئ

وكل ألواننا تمحى ويسكننا
الموتى وبين دمانا يظهر الصداء

تحجرت رئة الدنيا فلا نفس
وسافر الماء فاحتل المدى ظمأ