آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 4:24 م

منتجو النفط.. تقليص المعروض

محمد أحمد التاروتي *

وضعت الدول المنتجة للنفط من اوبك وخارجها، المصالح المشتركة في الاتفاق المبرم، بتمديد خفض الانتاج حتى نهاية عام 2018، لاسيما وان الدول المنتجة تلمس الاثار الايجابية، لقرارها السابق بتقليص حجم الانتاج، بمقدار 1,8 مليون برميل يوميا، فقد سجلت أسعار البترول في الاسواق العالمية، ارتفاعات متوالية على مدى الأشهر الماضية، الامر الذي أوصل السعر لأكثر من 60 دولارا للبرميل الواحد، مما ينعكس إيجابيا على اقتصايات الدول النفطية، خصوصا وان الدول المنتجة واجهت صعوبات اقتصادية، منذ منتصف عام 2014، جراء تدهور القيمة السوقية للذهب الأسود، في السوق العالمية، بحيث وصل السعر الى لاقل من 30 دولارا للبرميل.

تمثل التجربة المريرة، التي عاشتها الدول المنتجة للنفط، احد العوامل الاساسية وراء التحرك الجاد، لوضع استراتيجية بديلة، قادرة على تحسن القيمة السوقية للذهب الأسود، لاسيما وان غالبية الدول النفطية، واجهت صعوبات اقتصادية، جراء تدني المداخل القادرة، على تغطية المصاريف، والمشاريع التنموية، الامر الذي دفعها لإنتاج سياسات تقشفية، واجراءات اقتصادية صارمة، بغرض التغلب على الظروف الاقتصادية القاهرة، نتيجة انخفاض أسعار النفط وتسجيل عجز في الموازنات.

يمثل قرار تمديد خفض انتاج النفط، حتى نهاية عام 2018، خطوة هامة وضرورية، لتهيئة الظروف المناسبة، لاستعادة الذهب الأسود لعافيته، خصوصا وان سياسة عدم التدخل لم تسفر عن نتائج ملموسة، منذ هبوط السعر لاقل من 30 دولارا للبرميل، مما دفع الدول الاخرى لتغليب التعاون، والتحرك المشترك، لاسيما وان سياسة تقليص الانتاج، أعطت نتائج إيجابية.

دخول روسيا، باعتبارها من اكبر منتجي النفط، من خارج اوبك، يمثل عاملا حيويا في يتحرك أسعار النفط، بالاتجاه التصاعدي، خصوصا وان أزمة الفائض تشكل ابرز التحديات، التي تواجه الدول النفطية، وبالتالي فان وضع خطة واضحة للتحكم في الانتاج، من قبل روسيا والسعودية، يساعد على ازالة التخمة من السوق العالمية، بمعنى اخر، فان التعاون المشترك بين دول اوبك وخارجها، للسيطرة على أزمة الفائض، يساعد على الحفاظ على المكاسب، التي حققها النفط خلال الأشهر الماضية.

العوامل السياسية، تلعب دورا في تحديد اتجاهات أسعار النفط، الامر الذي يفسر حدوث ارتفاعات ملحوظة، بمجرد اندلاع حروب، او اضطرابات سياسية، في منطقة الشرق الأوسط، بيد ان العوامل الجيو سياسية لم تعد المحرك الأساس، في تحديد مسار أسعار النفط، اذ تشكل العناصر الاقتصادية منعطفا حيويا، في تحديد اتجاهات القيمة السوقية، لاسيما وان الركود الاقتصادي، يخلق حالة من التوجس لدى الدول المنتجة، نظرا لعزوف بعض الدول الصناعية، عن استهلاك كميات كبيرة من الوقود، جراءتراجع النمو في بلدانها، الامر الذي ينعكس سلبا على الدول النفطية، في تصريف إنتاجها بالصورة المطلوبة.

التحدي الحقيقي الذي يواجه الدول المنتجه، يتمثل في القدرة على الالتزام بالحصص الإنتاجية، وتطبيق الاتفاق بحذافيره، خصوصا وان تحسن أسعار النفط، يغري بعض الدول لمحاولة الاستفادة، من الاسعار المشجعة، لزيادة حصتها الإنتاجية، مما يسهم في عودة الفائض للسوق مجددا، بحيث تعيد الأمور للمربع الاول، وتمهيد الطريق امام تراجع القيمة السوقية.

كاتب صحفي