آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 4:24 م

انتفاضة القدس.. والمجتمع الدولي

محمد أحمد التاروتي *

شكل اعلان الرئيس الامريكي ترامب، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الشرارة التي ألهبت الشعب الفلسطيني، للتحرك للتعبير عن الرفض التام، لمثل هذه الخطوة الامريكية غير المسبوقة، خصوصا وأن اعلان البيت الابيض، جاء بمثابة اعتراف رسمي بالاحتلال، والتسليم بالأمر الواقع.

التظاهرات المتواصلة في مختلف المدن الفلسطينية المحتلة، تمثل تعبيرا صادقا لقدرة الشعب الفلسطيني، على تغيير الواقع، ورفض المخططات التي تدار في الخفاء، بمعنى اخر، فان التظاهرات تمثل ورقة سياسية ضاغطة، الامر الذي يعطي السلطة الفلسطينية هامشا من المناورة، والاستفادة في التحركات السياسية، من اجل افشال الخطة الامريكية الساعية، لنسف جميع المساعي، لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي، الجاثم على صدر الشعب الفلسطيني منذ خمسة عقود.

قافلة الشهداء، التي تسقط قربانا على مذبح حرية القدس، تمثل وقودا دائما في تزويد الشعب الفلسطيني بطاقة كبرى، فكلما سقط شهيدا جديدا برصاص الاحتلال، أعطى الانتفاضة الثالثة زخما قويا، لمواصلة مشوار التضحية في نصرة المدينة المقدسة، فالممارسات الإرهابية التي يمارسها الجيش الاسرائيلي، لم تستطيع حتى الان في اجبار الشعب الفلسطيني، على اخلاء الشوارع والتسليم بالأمر الواقع.

التعويل على الانتفاضة خيار استراتيجي، لمواجهة المرحلة الحساسة، التي تمر بها القضية الفلسطينية، خصوصا في ظل الأوضاع السياسية الصعبة، التي تواجهها العديد من البلدان العربية، الامر الذي يجعلها غير مهتمة كثيرا، بقضية الشرق الأوسط، كما في العقود السابقة، فالربيع العربي الذي شهدته بعض البلدان، ادخل بعض البلدان العربية في مشاكل سياسية، واقتصادية وأمنية، بمعنى اخر، فان الدبلوماسية العربية تعيش حاليا في أسوأ حالاتها، مما يجعلها غير قادرة على التأثير في المحافل الدولية، الامر الذي يفسر اختيار الادارة الامريكية المرحلة الحالية، للاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الاسرائيلي.

التحرك الدولي الرافض، لإعلان البيت الابيض يعطي، السلطة الفلسطينية دعما سياسيا في الوقوف، امام تنفيذ قرار الادارة الامريكية، فبالرغم من الفيتو الذي اسقط المشروع المصري في مجلس الامن، فان الانتصار السياسي الذي سجلته السلطة الفلسطينية، في الامم المتحدة، بمثابة تمردا صريحا على الضغوط، التي مارستها ادارة ترامب لاسقاط المشروع العربي، مما يشكل انتصارا دبلوماسيا، يدعم الجهود الفلسطينية لتعطيل القرار الامريكي.

ان تراجع الادارة الامريكية، عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الاسرائيلي، يبدو صعبا وفقا للمعطيات المتوافرة، بيد ان اصرار الشعب الفلسطيني على الرفض، يشكل عنصرا ضاغطا، لدفع المجتمع الدولي، لممارسة المزيد من الضغوط على البيت الابيض، للتراجع عن القرار، خصوصا وان زخم الانتفاضة ما يزال على الوتيرة نفسها، منذ قرابة الشهر، الامر الذي يفسر ارتفاع قافلة الشهداء، وتزايد إعداد الجرحى، وارتفاع عدد المعتقلين، في سجون الاحتلال.

كاتب صحفي