آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

ضريبة القيمة المضافة.. هل آلية الجباية مُحكَمةٌ؟ «1»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الإلكترونية

إجمالاً، لماذا تَفرض الحكوماتُ الضرائب؟ لسببين رئيسين: 1. تمويل الانفاق العام، 2. أداة مفيدة لتوجيه دفة التنمية والنمو.

وفيما يتصل بموضوعِنا، فقد تبلغ حصيلة ضريبة القيمة المضافة 2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 50 مليار ريال. وإذا تحقق هذا التقدير، فسيعني تعزيزاً للإيرادات غير النفطية للخزانة العامة السعودية بنحو 20 بالمائة مقارنة بمستواها في العام 2017 «256 مليار ريال». ونتيجة لإعادة هيكلة المالية العامة وتوسيع قاعدة إيرادات الخزانة، فقد نمت الإيرادات غير النفطية بوتيرة متصاعدة خلال الأعوام الثلاثة الماضية؛ من 131 مليار ريال في العام 2014 إلى 166 مليار في العام 2015، إلى 186 مليار ريال في العام 2016، ثم إلى 256 مليار ريال في العام 2017، ويتوقع أن تلامس 300 مليار «التقدير الرسمي 291 مليار» في العام القادم 2018، أي ما يمثل 30 بالمائة من الانفاق التقديري المعلن في ميزانية 2018، أو ما يوازي 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

​وفيما يتصل بفرض الدول للضرائب، فمعروف أنه أمر سيادي متروك تقديره للحكومة. وتتفاوت الضرائب من دولة لأخرى وفقاً لأسلوب إدارة المالية العامة، وفي بريطانيا مثلاً نجد أن ضريبة الدخل تأتي في المرتبة الأولى من حيث الحصيلة الضريبية، تليها ضريبة القيمة المضافة، التأمين الوطني، ثم الضريبة الانتقائية، ثم ضريبة الشركات، ضريبة الأعمال، وبعدها العديد من الضرائب الأقل حصيلةً. والحكومات تفرض ضرائب لأسبابٍ متفاوتة، منها: لتمويل انفاقها، لضبط الطلب الكلي ومستوى الأسعار، فمثلاً عندما يكون الطلب مرتفعاً تفرض الحكومات ضرائباً للحد من الطلب، والعكس بالعكس، كما أن الحكومات توظف الضرائب لمعالجة بعض تشوهات الأسواق، مثل الاحتكار واحتكار القلة.

كذلك توظيف الحكومات التعرفة الجمركية هبوطاً وصعوداً لحماية الصناعات المحلية من المنافسة الخارجية ولتخفيف الضغوط على ميزان المدفوعات. وعلى الرغم من أن هناك توجهاً في بعض الدول للانتقال بالنظام الضريبي من الارتكاز على ضريبة الدخل إلى الضرائب على الانفاق «ضريبة المبيعات وضريبة القيمة المضافة»، إلا أن التوجه إجمالاً هو السعي لجعل النظام الضريبي محفزاً على الإنتاج بإبقائه عند الحدود الدنيا قدر الإمكان وربطه بالأهداف الاقتصادية الرئيسية، فمثلاً لا يمكن فصل التوجه الضريبي للمالية العامة عن المستهدفات الاقتصادية، فمثبتٌ في أدبيات الاقتصاد والمالية العامة والبنوك والنقود أن فرض المزيد من الضرائب له تأثيرات على السياسة النقدية، وعلى النمو الاقتصادي كذلك. وهكذا، فلابد من النظر للنظام الضريبي ضمن إطار تأثيراته على التوجه الاقتصادي ككل.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى