آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

ثقافة التذمر

محمد أحمد التاروتي *

التذمر احد اشكال الرفض تجاه الممارسات، والاعمال الخاطئة الصادرة من الطرف الاخر، حيث يظهر على شكل اعتراض، سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة، فالهدف من ابداء الموقف، يتمحور في محاولة ايقاف تلك الممارسات، او تصحيحها مسارها، بما يَصْب في مصلحة الشخص نفسه، وحماية المجتمع من انتشار بعض الاعمال غير اللائقة، وبالتالي فان التذمر بمثابة ردة فعل تجاه بعض الاعمال الصادمة، وغير المفهومة او غير المبررة على الاطلاق.

ثقافة التذمر تظهر بأشكال مختلفة، واساليب متعددة، فتارة تكون عبر الخطابات المباشرة، والرسائل الصريحة، تجاه الطرف الاخر، من خلال ابداء الموقف الرافض، وعدم القبول، والاستعداد لإيقاف تلك الممارسات، بالطرق القانونية والدستورية، لإعادة الأمور لنصابها، لاسيما وان بعض القرارات تمس شريحة واسعة من المجتمع، الامر الذي يترك اثارا سلبية على التركيبة الاجتماعية، ويعرقل مسيرة التنمية، ويشل الحركة الطبيعية، مما يستوجب اتخاذ المواقف المضادة، لتقليل من الاثار السلبية، لبعض القرارات المصيرية، وبالتالي فان التذمر يلعب دورا محورا، في تحريك المياه الراكدة، تجاه القرارات الارتجالية، او غير المفهومة على الاطلاق.

كما ان انتهاج سبيل التذمر، يتخذ طريقا اخر، يتمثل في دراسة الاعمال غير اللائقة، من قبل اهل الحل والعقد، بهدف وضع النقاط على الحروف، ومحاولة تفكيك الدوافع الحقيقية، من وراء انتهاج بعض القرارات غير الواضحة، لاسيما وان وضع تلك الاعمال على طاولة البحث، يلعب دورا رئيسيا في محاولة إيجاد البدائل المناسبة، وكذلك تصحيح مسار تلك الاعمال، الامر الذي يجنب المجتمع من الانعكاسات الخطيرة، المترتبة على السير قدما في تطبيق تلك القرارات، خصوصا وان بعض الاعمال تكون نتائجها سريعة، والبعض الاخر تظهر اثارها مستقبلا، مما يستدعي وضع كافة الخيارات، لتفادي الانزلاق، وادخال البيئة الاجتماعية، في السكة الخاطئة، على الصعيد الاخلاقي والاقتصادي.

التذمر ظاهرة ليست وردية في جميع الأحيان، فالموقف الإيجابي او السلبي مرهون، بطريقة التعاطي مع الحدث، او القضية المطروحة، فعندما يكون التذمر في سبيل الاصلاح، وتقويم الاعوجاج، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة، لتفادي الاثار الكارثية، المترتبة على بعض القرارات، والاعمال غير المبررة، فان التذمر يتخذ المسار الإيجابي، والمحمود من قبل الجميع، باعتباره وسيلة ناجعة للخروج، بموقف قادر على ايقاف، تلك القرارات المجحفة، بحق البيئة الاجتماعية، بينما يكون التذمر سلبيا، عندما ينتهج طريقة الحديث في المجالس، والاكتفاء بالكلام، دون ترجمة الاعمال الى افعال، لاسيما وان الموقف المعارض المعتمد على المجالس المغلقة، لا يخدم تصويب بعض القرارات الخاطئة، فالتذمر السلبي ليس قادرًا، على إيجاد الحلول المناسبة على الاطلاق، بمعنى اخر، فان القدرة على التغيير، تمثل العلامة الفارقة بين التذمر السلبي، ومثيله الإيجابي، فالمرء بما يحمل من قدرات على ترجمة الكلام، الى ممارسة عملية في مختلف القضايا، والملفات الاجتماعية، وبالتالي، فان نشر ثقافة التذمر الإيجابي، خطوة ضرورية للقضاء على الاعتراضات السلبية، التي تدور ضمن النطاق الضيق، فهناك العديد من الملفات التي صححت مساراتها، بعد ابداء التذمر الإيجابي، وذلك بعد كشف عيوبها، واقتراح البدائل المناسبة، الامر الذي ساهم في حماية المجتمع، من ويلات تلك القرارات غير المدروسة، او غير الناضجة بالشكل الكامل.

كاتب صحفي