آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

”مايسترو“ و”د. كيف“ صنعوا فرصتهم!

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

صباح أول يومٍ من العام الجديد، توجهت لمحل بيع القهوة «الكافيه» وطلبت المعتاد، كوب صغير من القهوة المفلترة بدون حليب أو سكر، وأخرجت ستة ريالات، لكن البائع طالبني بريال إضافي. والقصة تكررت كثيراً ذلك اليوم، بل أن صديقاً لي أرسل لي فاتورة إفطاره في محلٍ لبيع الفول لم يدون عليها الرقم الضريبي للمحل ومع ذلك استقطع ”ضريبة قيمة مضافة“!

​ليس سراً أن التكاليف زادت على البائعين، لكن البائع حاذق، فلا يزيد سعره إلا إذا كان المجال متاحاً. ويبدو أن المجال كان متاحاً، فالمنافسة إجمالاً في أسواقنا محدودة، بما يعني أن البائع يُحدد السعر والزبون يدفع. وقد لا يدرك البعض أن المنافسة هي ”العصا الغليظة“ التي تجعل البائعين تحت رحمة الزبائن، أما العصا الأخرى فهي الأوضاع الاقتصادية؛ فإن كانت الأحوال مزدهرة، راج الطلب وارتفعت أسعار السلع، أما إن كانت الأحوال راكدة، فيكثر العرض، وتتراجع الأسعار.

​إذاً، فليس شرطاً أن يُمرر البائع أية زيادة في تكاليفهِ إلى الزبون. البائع - بالقطع - سيحاول، ولكن في أحيان عدة لا يستطيع بسبب أوضاع السوق، وإجمالاً خوفاً من خسارة الزبون لصالح منافس، أو عندما تكون الأسواق ضعيفة فإن ضياع الزبون خسارة قد لا تعوض.

​ويمكن القول أن الأسواق السعودية مفتوحة، لكنها ليست منافسة، وعلينا عمل الكثير لتصبح الأكثر منافسة في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وبذلك سنستقطب استثمارات ومتسوقين وسياح. لماذا لا نفعل ذلك؟ هناك جهود ولجان وزارية تعمل حثيثاً لتحقيق ذلك، لكن يبقى أمر هو أن نشمر نحن المواطنين عن سواعدنا ونستعيد اقتصادنا، فإن فعلنا ذلك لن يكون بوسع أحد قادم من الخارج منافستنا، أخذاً في الاعتبار أننا سنكون على قدر المنافسة. لنأخذ مثالاً، أنظروا ماذا فعل ”مايسترو“ بسوق البتزا في السعودي، فرض نفسه على أعتى المنافسين، وها هو يحقق نجاحات عدة، في توسيع حصته من السوق وبالتالي تصاعد مبيعاته، وفي توظيف السعوديين وتنمية المحتوى المحلي.

​وحتى بالنسبة لكوب القهوة، فإن الخيار المحلي «د. كيف» أعلن عن ثبات أسعاره. وهو قصة سعودية أخرى ناجحة.

​هذه أمثلة، ويوجد غيرها كثير، والنقطة هنا أنك أمام خيارين: إما أن تنتظر أن يصنع لك أحدٌ فرصة، أو أن تصنع لنفسك فرصة. قد يقول قائل إن هذا كلام نظري. النظري أن تنزوي بانتظار فرصة الأحلام، في حين أن بوسعك العمل في أي موقع بما يرضي الله لتكسب دخلاً وشيء من الخبرة، وفي ذات الوقت تبحث عن فرصة الأحلام وستجدها.

النقطة أنك عندما تقرر أن تدخل سوق العمل، فلا تضع اشتراطات، فتصبح ضمن البطالة الاختيارية، بل إقبل بما هو متاح حتى لا تؤجل مشوار البداية في بناء ذاتك واكتساب خبرة في سوق العمل، فالقبول بأي عملٍ إبتدأ ليس تهميشاً لذاتك، بل التهميش لذاتك بأن تبقى خارج سوق العمل! أذكر في بداية حياتي الوظيفية عملت في بنك، وكان زميلي وافد ويتمتع بخبرة كبيرة وكان له حيثية وظيفية في البنك الذي كان يعمل به في بلده، في حين أنه أتى هنا ليعمل ”محلل مالي أول“، سألته لماذا: قال أتيت من أجل الأجر وليس من أجل المنصب، وأضاف مع الوقت سيدركون في البنك هنا خبرتي وقدراتي، وقد حدث ذلك بالفعل.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى