آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

الربيع العربي: السنوات السبع العجاف

فاضل العماني * صحيفة الرياض

قبل سبع سنوات، وتحديداً في الفترة ما بين 17 ديسمبر 2010 وحتى 14 يناير 2011، والتي تتزامن ذكراها في مثل هذه الأيام، دشنت ”ثورة الياسمين“ التونسية مسلسل ”الربيع العربي“ الذي يطل بأجزائه السبعة على كل الشاشات العربية، ولكن في غياب واضح للمشاهد العربي الذي لا يجد متعة في مشاهدة هذا المسلسل العربي البائس الذي لا يُقدم سوى الدمار والعنف والتشرد والقتل والضياع.

هذا الطوفان المريع الذي بات يُعرف بال ”الربيع العربي“ الذي انطلق من تونس، ولكنه سرعان ما تموّج وتداعى ليصل للعديد من الدول العربية، لتبدأ مرحلة جديدة/مثيرة في تاريخ هذه الأمة العربية التي تُعاني أصلاً من الكثير من الأزمات والتحديات.

تُشير الأرقام والإحصائيات العربية والدولية الموثوقة، بأن ”كلفة الربيع العربي“ الذي اجتاح العديد من الدول العربية، باهظة وكارثية، إذ تجاوزت خسائر البنية التحتية لتلك الدول أكثر من 500 مليار دولار، والخسائر التراكمية الناجمة عن الناتج المحلي الإجمالي قرابة ال 350مليارا، كما خسرت الأسواق المالية العربية أكثر من 30مليار دولار، وتقلّص الاستثمار الأجنبي المباشر بمعدل 25 مليار دولار، كما تسببت هذه ”الرياح الربيعية العربية“ في تشريد أكثر من 17مليون لاجئ عربي بلغت تكلفة رعايتهم 70 مليار دولار، وتسبب غياب الأمن وعدم الاستقرار وتصاعد العنف والإرهاب في المنطقة العربية في تدهور السياحة العربية، إضافة إلى أكثر من مليونين من الضحايا والجرحى. حتى الآن، أكثر من 1000 مليار دولار، هي ”فاتورة الربيع العربي“، هذا غير الخراب والدمار والبؤس الذي أصاب المدن العربية، والصعود الكبير للإرهاب والعنف والقتل، وانعدام الأمن والأمان والاستقرار، والنزف المستمر في أرواح الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ.

كلفة باهظة حدّ الوجع، يدفعها الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج، والذي كان يحلم بوطن عربي بلا حدود أو حواجز، لكنه أفاق من ”كابوس“ مخيف. ورياح التغيير تلك التي بشّر بها ”الربيع العربي“، لم تكن سوى المزيد من الخلافات الدينية والمذهبية والفكرية، والغياب الواضح لملامح التسامح والتعايش والسلام، والصعود الكبير لدعوات الكراهية والطائفية والعنصرية.

أي ربيع عربي هذا الذي دمّر الحجر والبشر، وشرّد الملايين من الأطفال والنساء والشيوخ، وسرق الأمن والأمان والاستقرار، وهدم الآثار والتراث البشري، وزاد من نسبة الفقر والبطالة والمرض؟.

لقد تحوّل هذا ”الربيع العربي“ الذي رفع شعارات/عناوين الحرية والكرامة والعدالة والمساواة والتغيير والإصلاح إلى ”خريف عربي“ أسقط ما تبقى من الأوراق/الأحلام الوردية التي هتفت بها تلك الحناجر الشابة المخدوعة.

الآن، وبعد تلك ”السنوات السبع العجاف“ التي تاهت فيها كل الآمال والطموحات والتطلعات العربية في ”سراب الربيع العربي“، هل مازال هناك من يُصدق ”كذبة الربيع العربي“؟.

ماذا لو عاد الزمن، سبع سنوات للوراء: هل تخرج الجماهير العربية لتصنع هذا ”الربيع العربي“؟.