آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

ثقافة الزعيم

محمد أحمد التاروتي *

الزعامة طموح مشروع، لكل شخص على كوكب الارض، اذ لا توجد خطوط حمراء، امام التحركات الهادفة، للوصول للقيادة، فالزعامة لا تعني المنصب السياسي، او النفوذ الاجتماعي فقط، بل تتجاوز هذه المفردات الضيقة، لتسبح في بحر واسع من الاعمال للبزور، والإبداع، واحتلال المواقع المتقدمة، الامر الذي يمهد الطريق امام انتزاع الزعامة، وسط خمول او تكاسل او غفلة الاخرين.

القيادة لا تأتي بالطموح، ومحاولة الايقاع بالآخرين، في سبيل الوصول للقمة، فهناك مزايا يستدعي توافرها في المرء، للإمساك بزمام الزعامة، حيث تبدأ في الغالب من الصفات الشخصية منذ الطفولة، من خلال إطلاق المبادرات، والحرص على احتلال المواقع المتقدمة، في مختلف البرامج، بالاضافة للقدرة على تجميع الاخرين حول، الامر الذي يسهم في تنمية موهبة الزعامة، مما يساعد على ظهور بشكل تدريجي، مع التقدم في العمر، بحيث يحرص على الانخراط في الاعمال الحرة، نظرا للرفض التام للعمل تحت الاخرين.

امتلاك الزعامة، يحقق الكثير من الرغبات، ويسهم في الحصول العديد من الامتيازات، خصوصا وان القيادة تمنح صاحبها الكثير من الصلاحيات، سواء على الصعيد الشخصي او الاجتماعي، الامر الذي يسهم في فتح الأبواب المغلقة، والقدرة على اختراق، بعض المناطق المحظورة، بمعنى اخر، فان الزعيم لا يجد ممانعة في تنفيذ رغباته، مهما كانت صعبة او سهلة، نظرا لوجود جيش من الاتباع، الذي يتحرك باشارة واحدة، الرغبات واجبة التنفيذ دون مناقشة، او ممانعة، نظرا لصدورها من القيادة، التي تعرف المصلحة دون غيرها.

بالمقابل، فان واجبات الزعامة عديدة، سواء على الصعيد الشخصي او الاجتماعي، فالزعيم مطالب بتوفير العناصر الاساسية، لاحتلال الموقع الخطير، اذ ينبغي ان تتوافر فيه المعرفة، والثقافة اللازمة، لتمحيص الأمور قبل اتخاذ القرار، سواء في أوقات السلم، او في زمن الحرب، بالاضافة لذلك، فان القائد مطالب بامتلاك الشجاعة، والقدرة على اتخاذ القرار الجرئ، في مختلف الظروف، فالتردد في اتخاذ القرارات، يعود على القائد بالضرر والقاعدة الاجتماعية بالخيبة، كما ان القدرة على قراءة الظرف الحالي، ومحاولة وضع الاستراتيجيات المستقبلية، تعتبر احد الصفات المطلوبة في الزعامة، بمعنى اخر، فان انعدام العناصر القيادية تحول دون استمرار القائد في المنصب، مما يفرض البحث عن زعامات جديدة، قادرة على سد الفراغ القيادي، وبالتالي مواصلة مشوار العطاء، والتقدم في العديد من المجالات.

الزعامة تتحول في بعض الأحيان الى جنون العظمة، بحيث يتحول الزعيم الى اله يعبد من دون الله، ”أنا ربكم الأعلى“، خصوصا وان الشعور بالقوة يدفع الزعيم، لارتكاب ممارسات جنونية، وخارجة عن السياق العقلي، والاخلاقي، مما يسهم في ادخال المجتمع، في حالة من البؤس والحرمان، فالجنون غير المنضبط يجعل التصرفات خارج السياق المتوقع، فمرة يدخل المجتمع في مغامرة غير محسوبة النتائج، من خلال إشعال الحروب الطاحنة، التي تأكل الأخضر واليابس، ومرة اخرى يستخدم الصلاحيات في ارضاء الذات، عبر اذلال الاخرين، ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ? إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ.

كاتب صحفي