آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

ثقافة البروز

محمد أحمد التاروتي *

الاهتمام بالمظهر العام امر بالغ الأهمية، لفرض الاحترام، وتفادي الانتقادات الشديدة، خصوصا وان الخروج عن المألوف، امر مرفوض من المجتمع، باعتباره تجاوزا عن الخطوط الحمراءالمرسومة، لذا فان الشرع يحرم لباس الشهرة، لما يمثل نشر ثقافة غير مستساغة، من لدن البيئة الاجتماعية، ”البس ما يعجب الناس واكل ما عجبك“.

البعض يركز على المظهر المادي، في مراعاة الشعور العام، فيما يعمد لتحطيم مختلف الثقافات السائدة، والمبادئ الفكرية، بحيث يقوم بتجاوز مختلف القناعات الفكرية، انطلاقا من مبدأ كسر الثقافة الجامدة، واحداث صدمة كبرى، وبالتالي ايقاظ الناس من السبات، الممتد لسنوات، واحيانا لعقود طويلة، الامر الذي يسهم في احداث انقسامات حادة، في الجدار الاجتماعي.

عملية تحطيم القناعات الاجتماعية، ليس مرفوضا بشكل كلي، وليس مقبولا بالمجمل، فإذا كانت الدعوة للخروج عن الثقافات الاجتماعية الخاطئة، والقائمة على خرافات مرفوضة، شرعا وعقلا، فان عملية انهاء تلك الأفكار امر مطلوب، باعتبارها وسيلة مثلى لانقاذ البشر من المصير المجهول، وبالتالي فان تحمل تبعات تلك التحركات لنسف الثقافات الفاسدة، يكون محمودا، وموضع تقدير، وثناء من لدن شريحة واسعة من النخب الفكرية، وشريحة من المجتمع، فالأنبياء على طول التاريخ بذلوا الغالي والنفيس، في سبيل إنقاذ أقوامهم من الكفر، والشرك، والدعوة لعبادة الخالق، باعتباره طريق النجاة، وعدم الدخول في نار جهنم.

بينما يقف البعض الاخر، في طريق انتشار الثقافة الصالحة، حيث يعمد بما يمتلك من نفوذ اجتماعي، وسلطة مادية، في افشال المشاريع الإصلاحية، اذ تختلف الاهداف من وراء الوقوف بالمرصاد، امام حملة الفكر النقي، فهناك شريحة مدفوعة من جهات اخرى، لا تريد الخير للمجتمع، مما يدفعها لإغراء بعض العناصر، لاثارة الفوضى والتشكيك في النوايا، بحيث تظهر على شكل صيحات متعددة، بدواعي الحفاظ على النسيج الاجتماعي، وقطع الطريق امام الأفكار الساعية، لشق وحدة المجتمع، الامر الذي يقود لحدوث معارك عنيفة وشرسة، بحيث تؤدي الى تصفية الحسابات، سواء بشكل معنوي او مادي.

بينما يتحرك البعض بدافع شخصي، ومحاولة البزور على حساب المبادئ السائدة، في المجتمع، فهذا الصنف لا يترك وسيلة، او طريقة بدون الظهور بعكس التيار، نظرا لعدم امتلاك المؤهلات، والقدرات الذاتية، القادرة على ترسيخ أقدامه في المجتمع، بمعنى فان الإحساس بالنقص، والخواء الفكري، يمثل احد المحركات وراء معارضة الثقافات السائدة في المجتمع، وبالتالي فان التصفيق الاعلامي الذي يحظى به، يشجعه نحو الاستمرار في الطريق الخاطئ، نظرا لغياب القراءة الصحيحة القادرة، على وضع الأمور نصابها.

البزوز امر مشروع، ومتاح للجميع، بيد ان الوسيلة المستخدمة، تعكس الاهداف الحقيقية وراء الصعود السريع، وبالتالي فان استخدام الطرق المعتادة دون القفز، او تسفيه الأفكار الاجتماعية السائدة، ضرورة لامتلاك القلوب، والحصول على الاحترام، من الخصم قبل الصديق.

كاتب صحفي