آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

لن نستغني عن العمالة الوافدة ولا ينبغي!

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

للرخاء والازدهار عدوان هما تفشي الغلاء والبطالة. وكبح التضخم هو الفيصل بين نجاح السياسة النقدية وفشلها، أي أن استقرار أسعار السلع والخدمات أمر جوهري وليس تفصيلي بالنسبة للسلطات النقدية، ومحل اهتمام للسلطات المالية والاقتصادية لما للتضخم من تأثير على كامل المشهد الاقتصادي، والعام المالي تقلص مؤشر الأسعار في معظم الأشهر، أما في هذا العام فهناك جهود استباقية للحد من تأثير الضغوط التضخمية على مستوى المعيشة، أخذاً في الاعتبار تأثير اصلاح أسعار الطاقة والبدء في تطبيق ضريبة القيمة المضافة ورسوم العمالة الوافدة، ومن تلك الجهود الأوامر الملكية لدفع بدل غلاء معيشة. ومن جهة أخرى فسيكون محل متابعة نمو عرض النقود، الذي لابد أن يوازن بين أهداف متعارضة لتوفير السيولة بقدرٍ كافٍ لتعزيز النمو ويحد - في الوقت ذاته - لضبط التضخم.

​أما فيما يتصل بالبطالة، فتدفق الداخلين الجدد لسوق العمل من المواطنين لا مجال إلا بتوفير وظائف لهم، عبر قناتين: توسع الأنشطة الاقتصادية، بما يعني زيادة الطلب على اليد العاملة وبالتالي استيعاب جزء من الباحثين عن عمل. والقناة الثانية، التي لا تقل أهمية، هي قناة الاحلال. إذ ليس متصوراً أن القطاع الخاص سيتوسع في المدى المنظور «للخمس سنوات القادمة» بما يكفي لاستيعاب ربع مليون سعودي وسعودية يتوقع أن يدخلون سوق العمل سنوياً.

ولابد من التذكير، أن توليد وظائف جديدة أمرٌ مرهون بتوسع الاقتصاد، بمعنى ان توسع الاقتصاد السعودي بمعدل 1,6 بالمائة بالأسعار الثابتة للعام 2018، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، لا يكفي بمفرده لتوليد فرص عمل تكفي لاستيعاب الباحثين عن عمل من السعوديين والسعوديات. ماذا يعني هذا؟ يعني ارتفاع معدل البطالة عما هو عليه الآن «12,8%»! وهذا أمرٌ لا ينبغي السماح بحدوثه، خصوصاً إذا علمنا أن معدل البطالة بين الشباب المواطن هو ضعفي ذلك، والمعدل بين المواطنات نحو ثلاثة أضعاف.

ولا يعني الاحلال الاستغناء عن العمالة الوافدة، إذ أن ذلك ليس ممكناً وليس مستهدفاً لذاته. فالإحلال مطلوب بقدرٍ يكفي لإتاحة الفرصة لأبناء الوطن باعتبار أن العمل حقاً لهم ولهن بحكم النظام. والاحلال يعني السعي لاستيعاب أكبر قدر ممكن من الباحثين عن عمل من السعوديين، ويعني إحلال الأتمتة بهدف رفع الإنتاجية وترشيد الاستقدام. ولذا، فهناك أكثر من مبرر اقتصادي واجتماعي للسعي لاستيعاب السعوديين ففي ذلك مكاسب لا تحصى، ومع كل ذلك فهناك من لا يستوعب سوق العمل السعودية إلا من خلال الحصول على تأشيرات بهدف تعظيم مكاسبه، لكن نموذج العمل هذا في الطريق لانحسار جدواه.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى