آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

الإعتراض على الحكم

زاهر العبدالله *

هل التسليم بأحكام الله سبحانه يحتاج لبينة والا من حقي أن اعترض على الحكم إذا لم توجد عندي بينه عقلية أو نقلية عليه؟

الجواب: بسمه تعالى

روي عن سيد الموحدين في نهج البلاغة في باب الحكم

حكمة رقم «122» «وقال : لَاَنْسُبَنَّ الْإِسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي. الْإِسْلاَمُ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ، وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الْإِقْرَارُ، وَالْإِقْرَارُ هُوَ الْأَدَاءُ، وَالْأَدَاءُ هَوَ الْعَمَلُ.»

هذه الرواية توضح مطلب مهم جداً وهو التسليم التام والمطلق للحق سبحانه وهي اس العبودية له سبحانه لا شريك له.

السائل: هل معنى ذلك لا يحق لي السؤال في معرفة العلة من الحكم الشرعي أم ماذا؟

بمعنى آخر

سؤالي

اليقين... حينما تقع الحجةاو البينة؟ او من دون حجة وبينة؟

الجواب: بسمه تعالى

الكلام جزماً مع حصول العلم والبينة وهذا مسلّم به.

لكن هنا ملاحظة ارجوا أن تكون بعيدة عن البعض في أحكام الله سبحانه والتي نأخذها من مراجعنا العظام الثقات المؤتمنون على الدين نقلاً عن العترة الطاهرة سيكون الشك أو طلب العلة فيها تحتاج تأمل فقد يأتي حُكماً يخالف الهوى فيضع الشك والسؤال ذريعة وخديعة بقوله أنك لست على بينة تامة لتطبق الحكم فلنحذر من اتباع اهوأنا تحت دائرة التشكيك الأعمى كما نشهده اليوم.

السائل: وكيف أعرف أنني طلبت معرفة العلة عن هوى أم عن استفسار؟

الجواب: بسمه تعالى

أخي الكريم تأمل حين تصبح عندك مسلّمات يقينية من قبيل

أن أحكام الله سبحانه من حلالها وحرامها لها مصادر من القرآن والعترة الشريفة ومن يستخرجها بشكل تطبيق عملي للمكلف هم المراجع العظام حفظهم الله حسب تسلسل معرفي عقائدي طويل جداً وشاق مصحوب بورع وتقوى وبعد عن الأهواء فيحصل اليقين هنا عند المكلف أن مرجعه بذل غاية الوسع للحصول على الحكم الشرعي من مصادره المعتبرة. ثم يصل ذلك الحكم للمكلف في الرسالة العملية فيلزم بعد هذه المقدمة أن يحصل للمكلف يقين تام يصل في بعض جوانبه مائة بالمائة خصوصا فيما هو ظاهرا ساطع مشهورا بين الفقهاء ويدعمه الدليل الصريح والصحيح من الآيات والروايات.

وفي بعض جوانبه سمته الأشهر بين الفقهاء فيروث الإطمئنان بصدور الحكم من المعصوم وإن ظهر من الأحتياط في بعض صورة عند آراء الفقهاء ويبقى الجزء الأخير وهو المتشابهة الذي يعسر على المكلف الخوض فيه فيحتاج إتقان وممارسة ومماحكة في الحواضر العلمية ليخرج للمكلف من أيدي المراجع بشكل فتوى إرشادية أو استحبابية أو فعل أولى أو منهي عنه وغيرها ممن هي مصطلحات يعرفها أهل التخصص

ويبقى سؤال اخير ما هو المطلوب مني كمكلف عند سماعي أو قراءتي للأحكام الشرعية وواجب الإلتزام بها؟

الجواب: إذا سلمت أنك لست من أهل التخصص فاي حكم شرعي يأتيك من قبل المرجع الجامع للشرائط أسلم به تسليم تاماً لا ينبغي لي الشك فيه لأن احتمال صدوره من المعصوم مائة بالمائة وأن خالف هواي أو في أقل مراتبه أنه يورث الإطمئنان وأنه صدر من المعصوم. وكأني اسمع همساً منك

يقول. إذاً لا يحق لي السؤال عن علة الحكم الشرعي؟

الجواب: ليس هكذا بل ليكن سؤالك عن معرفة علة الحكم الشرعي بقصد تكميلي أن وجد وذكرته الآيات والروايات الحمدلله. وإذا لم تذكره الآيات والروايات لا يمنعني من العمل والالتزام به شيء أو عارض. وإنما الرضا والتسليم هو المقدم في ذهني وله شواهد في القرآن الكريم كقوله تعالىفَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا[النساء: 65]

الخلاصة أخي الكريم

الأحكام التعبدية على المكلف العمل بها لأنه عبدا لله سبحانه دون الحاجة لمعرفة علة الحكم لأنه المنعم الحكيم العادل فمن عشق الحق سبحانه وتعالى وذاب فيه لن يسأل لماذا أمرني ربي بهذا ونهاني عن ذاك فقد قيل في الأمثال «والمحب لمن أحب مطيع» نسأل من الله أن نكون ممن يحب الله ورسوله وأهل بيته الطيبين الطاهرين فنلتزم اوامرهم ونجتنب نواهييهم حباً وكرامة لهم لأنهم لن يضلونا عن هدى ولن يدخلونا في ردى كم وعد رسول الله ﷺ وسلّم وقد وردة

عن ابن عباس قال: لمّا اشتدّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال: «ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده» قال عمر: انّ النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط.

 قال: «قوموا عنّي، ولا ينبغي عندي التنازع».

 فخرج ابن عباس يقول: انّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه. صحيح البخاري رقم114 باب العلم

وفي مصدر آخر «إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترة أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»

إرشاد القلوب ص340 وفيه إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي هما الخليفتان فيكم وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

والحمد لله رب العالمين.