آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

الفاتورة المُجَمعَةُ

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

هناك فرق بين سياسة فرض رسم المقابل المالي على العمالة الوافدة، فهي ضمن حزمة سياسات تحقيق برنامج التوازن المالي 2023، وبين ”الفاتورة المجمعة“ فهي ترتكز إلى إجراء لتنفيذ تلك السياسة. ومع إدراكي لما يتناوله البعض من أن ”الفاتورة المجمعة“ قد تؤثر على التدفقات النقدية لبعض المنشآت في أنشطةٍ بعينها لاعتبارات عدةٍ، إلا أنه لابد من الإقرار كذلك بأن إصلاح تشوهات سوق العمل وتخليصها من الممارسات الانتهازية أمرٌ ليس منه بدّ. إذا، علينا ألا نخلط بين السياسة والإجراء.

لنتذكر دائماً أن تخلص المنشاة من رسوم المقابل المالي على العمالة الوافدة يكون بتوظيف المواطنين والمواطنات، وأنك إن وظفت مواطناً أو مواطنةً فإنك لن تدفع رسوماً مقابل ذلك. ولعل ذلك ليس متيسراً للكثير من المنشآت، وعليه فلكي تقلل مما تدفعه منشأتك من رسوم فعليك أن تكتفي بالحد الأدنى من العمالة الوافدة، بقدر احتياج العمل وضمن أضيق الحدود.

​أما الشخص الذي استقدم عمالاً لا ليعملوا حقيقةً في منشأة لديه، بل أطلقهم في طول المملكة وعرضها مقابل أن يدفعوا له أتاوة شهريةً.. هذا وأمثاله من أصحاب المنشآت القشرية يستبسلون الآن للملمة عمالتهم حتى يتخلصوا منها، فقد غدت ممارسة نشاط ”بيع الوهم وتحصيل الإتاوات“ غير مجدية. وهكذا، فهناك من أحزنهُ تساقط اقتصاد الريع ومعه اقتصاد الوهم والطفيلية، وبالمقابل هناك من يفرحه نهوض اقتصاد الإنتاج وتوليد قيمة للاقتصاد الوطني ووظائف حقيقية لأبنائه ولمن نحتاج لجهده ممن يَفدّ لوطنا الغالي من بلدان العالم ضيوفاً أعزاء.

وطلباً للوضوح، فأتاوة التستر ريع، وراتب ”السعودة الوهمية“ ريع، واطلاق العمالة الوافدة لاقتسام مكاسبها كذلك ريع.

​ويجب ألا يفوتنا أن هناك فارق بين منشأة - بغض النظر عن حجمها متناهية الصغر أو صغيرة أو متوسطة أو كبيرة أو حتى عملاقة - تبحث عن الريع، وأخرى تقوم على الإنتاج؛ فالمنشآت المنتجة تستحق الدعم، ولنتذكر أن لدينا مليون منشأة تقريباً، فلابد أن نفرق بينَ مَنّ قامت لتأخذ ريعاً، وبين التي تكابد لتولّدّ وظائفاً حقيقيةً وقيمةً للاقتصاد. هذا هو الخط الفاصل بين مَنّ يحتاج لاقتصادنا، وبين ما يحتاجهُ اقتصادنا!

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى