آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

الصغير صغير.. والوسط وسط!

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

دعم المنشآت الصغيرة، ليس دعماً بالمعنى التقليدي بل هو استثمار لاستكشاف ثروات ذات عائد مجزي للاقتصاد؛ وأعدد هنا ثلاثة ينابيع: 1» في عنصر حرج الأهمية لاقتصادنا، فإن المنشآت المجهرية والصغيرة والمتوسطة تولد عدداً هائلاً من فرص العمل بما يمنح اقتصادنا القدرة على توظيف شبابنا وفتياتنا، 2» تلك المنشآت نشطة في كل القطاعات والمفاصل الاقتصادية بما يساهم في تحقيق عنصر ثاني حرج الأهمية لنا وهو التنويع الاقتصادي، 3» أنها تساهم في تحقيق عنصر ثالث حرج الأهمية لاقتصادنا السعودي وهو إفراز واحتضان فرص استثمار للرياديين الجدد.

الآن نحن نوشك أن نفتح صفحة جديدة مع احتضان ”الرؤية“ ضمن أهدافها للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. فما الذي سيحدث؟ وكيف؟ ومتى؟ إذ أن تحقيق الهدف مهمة عملاقة، إذ تكفي الإشارة الى أن عدد المنشآت المجهرية يزيد عن 1,2 مليون، والصغيرة نحو ربع مليون، ونحو 50 ألف منشأة متوسطة. عالم مجهول مهمل، وكَم كبير حجماً وصغير إضافة، فكيف سيحدث التحول بما يحقق الرؤية، لترتقي مساهمة هذه المنشآت في الناتج المحلي الإجمالي في العام 2030 لنحو 2,3 ترليون ريال سعودي؟

لقد أطلقت المملكة هيئة متخصصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، لكن المعوقات لم تبرح قائمة. وبمناسبة الحديث عن المعوقات، فطبقاً لنتائج دراسة أجرتها غرفة الرياض فإن العقبات أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة تتدرج هبوطاً من البيروقراطية، إلى التمويل، إلى التسويق، إلى العمالة، إلى النواحي الفنية والإدارية والمعلومات. وهذا لا يعني أن التمويل متاح لتلك المنشآت، فنصيبها من التمويل لا يتجاوز 2 بالمائة رغم أن عددها يقدر بنحو 75 بالمائة من عدد منشآت الأعمال المسجلة! فجل التمويل، كما سبقت الإشارة، يذهب لفئة صغيرة من المنشآت العملاقة التي تستأثر - فيما يبدو - بالموارد والفرص.

إن وجود الهيئة من ناحية، ووضع الرؤية 2030 هدفاً طموحاً للهيئة يعني أننا أعلنا عن حاجتنا لدور أكبر للمنشآت الصغيرة في الاقتصاد، يبقى أن نطلق المبادرات ونوجد الممكنات ونزيل العوائق، ونراقب تنامي مساهمة المنشآت الصغيرة في الاستثمار والتوظيف والإنتاج، في مسعى لدفعها لتحقيق المزيد لتصل إلى 35 بالمائة من حجم الاقتصاد السعودي بحلول العام 2030. لكن يبقى ثمة أمر لابد من التنبه له وهو أن هناك أكثر من سبب يبرر تعديل نطاق عمل الهيئة لتصبح ”هيئة المنشآت الصغيرة“ فقط، فمبجرد أن تخلاج المنشأة من صغرها وتنطلق فلن تكون بحاجة لرعاية مكثفة، وتصبح بحاجة لمنع المعوقات اكثر من حاجتها لتلقي الدعم.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى