آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 4:32 م

تعايش المنشآت الصغيرة مع ارتفاع الرسوم «2»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

لعل السر هو في التسعير، فإن تراجع الطلب فسينخفض السعر. وكلما ارتفع معدل التضخم تراجعت قدرة المستهلكين على الشراء. هذه أمور ينبغي ألا تغيب عن التاجر، بل هي تحمل في ثناياها حلاً. هناك من لا يرى حلاً إلا أن يبقى الحال كما كان، أي الأيام السابقة لإقرار ضريبة القيمة المضافة، والسابقة لرفع المقابل المالي على العمالة الوافدة. وهناك من يرى أن عليه التعامل مع المستجدات.

​لكن القضية ليست هنا، فالصعوبة الأكبر هي مع مَنّ لديه منشأة ”صورية“ لا تنتج شيئاً، ومع ذلك يحقق صاحبها دخلاً! ليس لديه مبيعات حتى يسعرها نزولاً عن تحركات العرض والطلب، بل لديه إتاوات يأخذها من وافد متستر عليه، وهنا على صاحب المنشأة الصورية أن يعيد التفاوض مع الوافد المتستر عليه، وقد يقرر الوافد تحمل المصاريف الإضافية الناتجة عن الرسوم الإضافية، وهكذا لن يتأثر دخل صاحب المنشأة الصورية، أو أن يجد الوافد أنها فرصته ليعلن أن المصاريف عالية جداً وأنه لا يستطيع أن يواصل وفقاً للاتفاق القديم، وهنا سيخسر صاحب المنشأة الصورية، وليس من السبيل لتعويض خسائره، فهي ليست ناتجة من البيع والشراء، بل من إعادة هيكلة السوق التي هزت صيغة التستر الطفيلية.

ومن المحتمل أن الأوضاع قد تؤدي لأن يرغب الوافد المتستر عليه أن يُغادر البلاد، وهذه فرصته لإنهاء الاتفاق، وهنا سيفقد المواطن صاحب المنشأة الصورية الإتاوة كاملة، وكذلك فخسارته ليست ناتجة عن حركة البيع والشراء بل نتجت عن ”كشف التستر“! وعليه أن يبلع الطعم، ويبحث عن مصدر آخر للدخل خلاف سرقة الخزانة العامة، نعم سرقة الخزانة العامة، فهناك من المواطنين من لا يدرك بأنه بدخوله مع وافد في صيغة تستر، فهو في حقيقة الأمر يوفر على ذلك الوافد «المستثمر الأجنبي المستتر» ضريبة دخل قدرها 20 بالمائة من صافي الربح!

​وهناك من لديه منشأة صورية كذلك لكنه يعمل على نمط آخر، فهو ليس لديه نشاط اقتصادي منتج، بل لديه عدد من التأشيرات، يجلب عليها عمال وافدين ويطلقهم بصورة أو بأخرى ويطلب منهم أتوات شهرية تودع في حسابه أو حتى نقداً. ومع التنظيمات الجديدة فإن التضييق على هؤلاء بلغ أشده، بما في ذلك رسوم المقابل المالي وتطبيق نظام حماية الأجور الذي يهدف للتأكد من صرف مستحقات العمالة في وقتها، وتحديد مستويات الأجور في جميع المهن، وسيكون صاحب المنشأة عرضة لدفع مخالفة عن كل عامل إن لم يدفع الأخر لشهرين متتابعين! لكن الكفيل هو رب عمل صوري لا يدفع أجراً بل يتلقى أجراً من مكفوله. وكذلك هنا صاحب المنشأة الصورية سيخسر ليس نتيجة البيع والشراء بل نتيجة تحايله، حيث ادعى كذباً أنه بحاجة لعمالة للعمل في منشأته، أما الحقيقة فهي أنه كان يأكل ”سحتاً“، فمنشأته لا تنتج شيئاً سوا جمع الإتاوات من مكفوليه.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى