آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

ثقافة الردع

محمد أحمد التاروتي *

يشكل الردع احد الأسلحة المؤثرة، في اخافة الطرف الاخر، الامر الذي يفسر حرص الدول على تقوية الجيوش، ورفع مستوى الجاهزية، لمواجهة الاخطار، اذ تعتبر المناورات العسكرية، وزيادة ترسانة الجيوش، من ابرز الاعمال الهادفة، لخلق حالة من الردع، لدى الطرف الاخر، فالدول القوية تفرض سيطرتها، وهيبتها على الجميع، مما يجعلها بمنأى عن الاخطار، او التعرض للاعتداء من البلدان الاخرى.

الردع يخلق حالة من الثقة لدى الدول، في القدرة على المواجهة، وتحقيق الانتصار الحاسم، خلال فترة زمنية محدودة، نظرا لامتلاك القدرات المطلوبة، لقلب معادلة الصراع، رأسا على عقب، لاسيما وان الردع يولد حالة من الانهزام الداخلي، لدى الطرف المقابل، مما يدفعه لرفع الراية البيضاء، ومحاولة تحاشي المواجهة المباشرة، تفاديا للتعرض لهزيمة كبرى، فالحالة النفسية تلعب دورا محورا، في توجيه بوصلة النصر، في المعارك الحربية، فالجيوش التي تفتقر للمعنويات العالية، يصعب عليها الدخول في النزاعات، مما يجعلها عرضة للانكسار، والهروب من الميدان.

امتلاك القوة على مختلف الاصعدة، عنصر حاسم في ادخال الرعب، في نفوس الاخرين، خصوصا وان الضعيف يمثل فريسة سهلة للقوي، مما يجعله في خطر داهم على الدوام، الامر الذي يفسر تعرض الدول الصغيرة، للاعتداءات المتكررة، واحيانا للاحتلال المباشر، نظرا لافتقارها للقدرات اللازمة، لردع الطرف الاخر، فيما تخشى الدول الاخرى التحرش، او التعرض للدول القوية، لاسيما وان محاولة افتعال أزمة مع الدول القوية، يمثل خطورة كبرى، نظرا لامتلاكها عنصر الردع، والقدرة على توجيه ضربات موجعة ومؤلمة.

التخطيط لامتلاك قوة الردع، مطلب استراتيجي، لمختلف الدول العالمية، فالدولة التي تفتقر للاجهزة الامنية القوية، يصعب عليها الاستمرار في التنمية، وتنفيذ الخطط الاقتصادية، نظرا لوجود اخطار خارجية، تتحرك على الدوام للانقضاض عليها، من اجل الاستيلاء على الثروات الطبيعية، او التحكم في القرارات السيادية، وبالتالي فان تخصيص الميزانيات الضخمة، لتطوير الصناعة العسكرية، وتأهيل الجيوش وشراء الأسلحة، امر بالغ الأهمية، لاسيما وان منظومة الاجهزة الامنية، السلاح القادر على تحقيق الردع لدى الأعداء.

التحرك بقوة لامتلاك سلاح الردع، عامل قوي في استقرار العلاقات، القائمة على الاحترام المتبادل، فالخشية من التعرض لهزيمة نكراء، بمجرد إطلاق شرارة الحرب، على الدول القوية، يدفع نحو اختيار لغة السلام، على لغة الرصاص وأصوات المدافع، خصوصا وان كل دولة تدرك جيدا نقاط القوة، ومفاصل الضعف لدى الدول الاخرى، مما يدفعها لاختيار لغة القوة، مع الدول الضعيفة، ولغة المهادنة، والاحترام المتبادل، مع البلدان القوية، بمعنى اخر، فان امتلاك الردع عنصر حاسم، في تحديد نوعية العلاقة، مع الدول الاخرى، لاسيما وان القوي يفرض ارادته على الجميع، حيث يحاول الكل التقرب منه، لتفادي الدخول معه في نزاعات عسكرية، او سياسية، بالاضافة للسعي الدائم لتقوية العلاقات السياسية، للحصول على الحماية العسكرية، والاستعانة بقدراته الضخمة، لمواجهة الاعتداءات، في حال نشوب حروب، مع دول اخرى.

كاتب صحفي