آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

اكتتاب واكتتابات!

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

الصحافة تبحث دائماً عن خبر. هذه هي مهمتها، بل أنها تتسابق فيما بينها بحثاً عن سبق. وحيثما حل ولي العهد في ثنايا جولته الحالية في الدول التي تمتلك أسواقاً مالية عالمية رئيسية، وتحديداً في بريطانيا والولايات المتحدة، تستبق صحف ووكالات من الوزن الثقيل الزيارة بتناول موضوع اكتتاب أرامكو.

ولن أكرر ما تعرفونه جميعاً من مستجدات حول الطرح، لكن الأمر الملفت أن من هذه الصحف والقنوات من لم تصله الرسالة بعد؛ ف ”يصب ويحقن“ دون أن يضيف جديد، مثلاً كتبت مؤخرا صحيفة ”وول ستريت“ النافذة قطعة حول الطرح، لم تضيف فيه إضافات جوهرية عما سبقتها به بأيام صحيفة ”فايننشال تايمز“ التي تماهيها نفوذا ومتابعةً. بالقطع، لست منزعجاً من التغطية، بل على العكس فالمساحة التي تفردها هاتان الصحيفتان وسواهما تحمل دلالة واضحة على أهمية الطرح لأكثر من سبب، فكما ذكر في البداية بالصحف تبحث عن خبر، وعن سبق.

وليس من شك أن أرامكو تمثل قيمة كبيرة، وعلى الأسواق أن تأخذ وقتها لتفكر وتتأمل كيف ستقيم هذا الكائن الفريد.. أرامكو. قد أكون ككثير من السعوديين شغوف بشركة لها دور اجتماعي_اقتصادي تاريخي في تمكين التنمية والنمو في المملكة. كتبت في هذا من قبل أن وضع أرامكو في نموذج ”اكسل“ يحسب التدفقات النقدية المخصومة، هو ”تعليب“ في غير محله. يبدو أن كثيرين عليهم أن يعوا هذا الأمر، ولاسيما من قيدوا نماذج التقييم الافتراضات متعسفة.

ومن ناحية ثانية، فإن الخبر الذي يستحق سباق الصحيفتين المبجلتين ووكالات من أوزان رويترز وبلومبرج، ويبرر أن تتأمل بها هي ”مشروم المشاريع الناشئة“ الذي يجتاح السعودية حالياً، من قبل شباب سعودي. هذه المشاريع الناشئة هي أحد آفاق السعودية الجديدة، التي تريد أن تنوع اقتصادها ليكون به قطاع غير نفطي حقيقةً. وكما أن الاقتصاد الأمريكي يحتفي بالشركات الناشئة المتعملقة، التي اصطلح على تسميتها ”وحيدة القرن“ «unicorn»، كذلك هذا ما يشغلنا في السعودية، ضمن أمور تستهدفها رؤية 2030، والتي ستقود بعضها في نهاية المطاف لاكتتابات في ”تداول“ او ”نمو“.

إذا بالإمكان الزعم أن الصحافة العالمية، وحتى الاقتصادية المتخصصة، لم تخرج من فخ مضاعف فيما يتصل والمستجدات الاقتصادية السعودية؛ احدها له علاقة باستيعاب الطرح وتقييم الشركة، والثاني حقول الشركات الناشئة ولاسيما التقني منها، الذي سيحدث تغييراً حقيقياً يؤدي لإخراج اقتصادنا السعودي من نمطيته. لكن الخبر ما برح - فيما يبدو - خارج رادار صحافة تلامس الشأن الاقتصادي عندنا ملامسةً.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى