آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

ثقافة المظلومية

محمد أحمد التاروتي *

يتحرك البعض وفق قاعدة ”المظلومية“، لكسب تعاطف الرأي العام، اذ يحاول - البعض - استغلال الجانب العاطفي، للحصول على التأييد، والمناصرة في الصراع مع الاخر، فهو لا يدخر وسيلة للوصول الى الطرف الاخر، حيث يعتبر الاعلام على اختلاف اشكاله، الطريقة الأكثر انتشارا، والأكثر تأثيرا، على الشريحة الواسعة من المجتمع.

عملية الاستفادة من الاعلام لكسب التعاطف، تتطلب استخدام الأدوات اللازمة، والقدرة على قراءة الواقع، ووضع خطة متكاملة، خصوصا وان القضايا على اختلافها، سواء كانت عادلة، او مختلقة، مرهونة بامتلاك مفتاح الوصول الى قلوب، واهتمام اكبر شريحة من الناس، لاسيما وان نشر القضايا على نطاق واسع، يقود لممارسة الضغوط على الخصم، مما يجبره على تقديم التنازلات، او محاولة امتصاص الغضب المصاحب، لاستمرار الضيم الممارس، تجاه بعض الاطراف الضعيفة، او غير القادرة على المواجهة.

سلاح المظلومية من الأساليب المستخدمة، على الصعيد الفردي والاجتماعي، فالطرف الذي يشعر بالظلم، يتحرك باتجاه نشر مشكلته، من اجل تحقيق العدالة، ورفع الضيم والاضطهاد، وبالتالي اعادة الحقوق المغتصبة، من خلال الحصول على التأييد الواسع، لاسيما وان الظالم يتحرك وفق قاعدة حرف الحقائق، في محاولة التهرب من الاستحقاق، مما يجعله يسخر جميع الإمكانيات، للوقوف امام الضغوط، بيد ان الحقائق ستظهر في نهاية المطاف، بحيث تدفعه للاعتراف بالحقوق المسلوبة للطرف الاخر، بمعنى اخر، فان المظلومية سلاح فعال، بشرط استخدامه بطريقة احترافية، فأساءة الاستخدام تقود الى نتائج عكسية، مما يفقد المظلوم التعاطف اللازم للسير قدما، باتجاه استعادة الحقوق المغتصبة.

استخدام الكذب للظهور بمظهر المظلوم، يمثل احدى الوسائل المستخدمة لدى البعض، حيث يعمد لاستخدام الماكنة الإعلامية، بطريقة فجة وممجوجة للغاية، من اجل إظهار الوجه البرئ، واخفاء الوجه القبيح، خصوصا وان المظلومية تعتبر السلاح الأكثر تأثيرا، في الحصول على التأييد الواسع، بمعنى اخر، فان الصراع مع الاخر، يتطلب استخدام اُسلوب الدفاع عن النفس، لتبرير الانخراط الواسع في الصراع الثقافي، او الاجتماعي، لاسيما وان اكتشاف الحقيقية امام الرأي العام، يفقد البعض الوقود القادر على مواصلة النزاع، وبالتالي فان الحرص على كتمان الحقائق، يشكل الهاجس الأكبر، نظرا لما تمثلة تلك الحقائق من صدمة كبرى، على الصعيد الاجتماعي، الامر الذي يفسر الاعلام الجزء الاكبر من تزييف الحقائق، واخفاء المعلومات، فالطرف المعتدي يسعى لاستغلال الاعلام، لادامة الصراع لفترة طويلة، واستغفال الشرائح الاجتماعية، عبر استخدام ”الدفاع عن النفس“، امام الهجمة الظالمة للطرف الاخر.

ثقافة المظلومية بما تحمله من تأثير كبير، في نصرة القضايا العادلة، تبقى من الأسلحة المستخدمة جميع الاطراف، اذ يتحرك الجميع للاستفادة من السلاح، لتحقيق الانتصار المعنوي واحيانا المادي، لاسيما وان كسب الشريحة الواسعة، يعتبر انتصارا حقيقيا، في تكريس تلك القضايا، في ضمير المجتمع، مما يجعلها حية لسنوات طويلة، مما يعرقل جميع التحركات المضادة، لمسحها من الذاكرة الاجتماعية، نظرا لاحتلالها مساحة كبرى، في وجدان الشعور الإنساني.

كاتب صحفي