آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

الامام علي.. الموقف الثابت

محمد أحمد التاروتي *

شكلت المواقف الثابتة، المستندة للمبادئ الإلهية، علامة بارزة في حياة الامام علي ، فالوضوح وعدم التلون، في المواقف تجاه الأحداث السياسية، والمعارك المبدئية، على طول مسيرة حياته المباركة، اذ رفض جميع الدعوات الداعية المداهنة، وغض الطرف عن بعض الممارسات الخاطئة، سواء قبل تسنم مسند الخلافة او قبلها، حيث مثل الحزم وعدم التهاون، عاملا أساسيا، في نفور اصحاب المصالح الشخصية، والوقوف في الطرف المواقف، ”ما ترك لي الحق من صاحب“.

منذ الْيَوْمَ الاول لاستلام كرسي الخلافة الاسلامية، عمد الى وضع بصمته، وسياسته القائمة، على تجاوزات بعض الولاة، في الامطار الاسلامية، اذ قام باقالة العديد من أمراء، تلك الولايات التابعة، للدولة الاسلامية، مما يعطي دلالة على انتهاج طريقة مختلفة، عن المرحلة السابقة، حيث وقف بحزم امام الدعوات القائلة، بعدم اتخاذ قرار اقالة الولايات، حتى استتباب الامر، فالمبادئ الثابتة التي يحملها ”“، تدعو لرفض المساومة، وانتهاج اللاعيب السياسية، في سبيل احقاق الحق، ونصرة الضعيف، ”الذليل عندي عزيز حتى اخذ له الحق والقوي عندي ضعيف حتى اخذ منه الحق“.

ظهرت صلابة الموقف، لدى الامام علي ، بشكل جلي في صراعه المرير، مع معاوية بن ابي سفيان، فمنذ الْيَوْمَ الاول اصدر قرارا بإقالته من ولاية الشام، حيث رفض اقتراح ابن عباس ”ولِّه شهراً واعزله دهراً“، حيث قال ”لا والله لا أستعمل معاوية يومين أبداً“، ”والله لا أُداهن في ديني ولا أُعطي الرياء في أمري“، بمعنى اخر، فان الامام علي رفض إعطاء الشرعية لمعاوية ليوم واحد، لاسيما وان الامام علي يدرك دهاء معاوية بن ابي سفيان، مما يجعله يستغل إبقائه في الولاية، لفترة زمنية في تأليب الأمصار، على خطوة الإقالة بعد اتخاذها لاحقا، ”والله ما معاوية بأدهى منّي، ولكنّه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن كلّ غدرة فجرة، وكلّ فجرة كفرة، ولكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة، والله ما أُستغفل بالمكيدة، ولا أُستغمز بالشديدة“ و”لولا التقى لكنت أدهى العرب“.

أعطت سيرة الامام علي ، درسا للانسانية في القدرة على مواجهة الإغراءات المادية، والضغوط المعنوية في الثبات، وعدم المزلزل امام المغريات، او استخدام الأساليب التكتيكية، في سبيل تحقيق المآرب على اختلافها، فالمبادئ الإلهية تستحق التضحية، وعدم استواحش طريق الحق لقلة الانصار، ”لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه“، لاسيما وان ضريبة الموقف الصلب والثابت، باهض الثمن على الصعيد الشخصي والاجتماعي، الامر الذي دفع الامام علي للتصريح ان الخلافة ”: والله لَهيَ أحبُّ إليَّ من إمرتكم إلاّ أن أُقيم حقّاً، أو أدفع باطلاً“ حينما دخل عليه عبد الله بن عباس بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذه النَعل؟ فقلت: لا قيمة لها. فقال تلك المقولة النابضة بجميع معاني الثبات ونشر العدل في المجتمع الاسلامي.

كل عام وأنتم بخير بمولد سيد الأوصياء " ذكر علي عبادة ".. " علي خير البشر "

كاتب صحفي