آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:25 م

شبكة سعودية للطاقة النظيفة تربط 3 قارات

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

كان للشأن الاقتصادي حصة وافية في أجندة جولة سمو ولي العهد، وبدا ذلك جلياً في تعدد الفعاليات الاقتصادية الرئيسية من جهة، كما تابعنا في لندن ونيويورك حيث عقد ملتقيين للتنفيذيين جمعت ثلة منتقاة من كبريات الشركات البريطانية والسعودية في لندن، ثم الأمريكية والسعودية في نيويورك.

ومن جهة أخرى، الزيارات الميدانية المتتابعة وسلسلة اجتماعات منفردة لكل شركةٍ عقدها ولي العهد لمجموعة مؤثرة من الشركات ذات الميزة التنافسية الفائقة عالمياً، من أوزان أمازون ومايكروسوفت وفيسبوك وفيرجن، على سبيل المثال لا الحصر، إضافة إلى اتفاقات لتطوير مشاريع رئيسية عالمية الوزن، وهذه تحتاج إلى وقفة تمعن وتأمل.

قد يتساءل أحد: عالمية الوزن؟ وقد يتبادر للذهن أن المقصود طرح أرامكو! شركة أرامكو السعودية هي عالمية الوزن بكل المقاييس، لا شك في ذلك، وقد أخذ طرحها حيزاً مهماً، لاسيما أن الجولةَ شملت مركزين ماليين عالميين مرشحين لاحتضان الادراج وهما لندن ونيويورك. والطرح أمر كان قد أعلن عنه منذ أشهرٍ وهو محل ترقب الأسواق المالية الأهم في العالم.

أما المقصود هنا بالمشاريع الرئيسية عالمية الوزن، فهو مشروع كان بمثابة مفاجأة هائلة، أُعلن عنه أثناء زيارة ولي العهد لنيويورك، وهو مشروع الطاقة الشمسية العملاق مع سوفت بانك، فطاقة المشروع تصل إلى 200 جيجاوات بحلول العام 2030، أي أكثر من 2,5 ضعف ما نولده في السعودية حالياً من كهرباء، وهو أكبر 100 مرة من أي مشروع أُعلن عنه في العالم حتى تاريخه. وللمقارنة، فأضخم مشروع طاقة شمسية يعمل حالياً موجودٌ في الصين بسعة 1,5 جيجاوات.

والنقطة لا ترتكز على ضخامة المشروع فحسب، بل تبين أن هناك خطوط أخذةٌ في التشكل للحفاظ على المملكة كمُصَدر رئيس لتزويد العالم بالطاقة، بما في ذلك الطاقة النظيفة. أي: التوجه للاستثمار في توفير طاقة تفيض عن الحاجة المحلية بقصد تصديرها، وإلا فإن إضافة نحو 80 جيجاوات حتى العام 2040 ستكون كافية لاستيعاب الطلب المحلي على الطاقة الكهربية.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنه بالإضافة للطاقة الكهربية التي تولدها المملكة الآن باستخدام الوقود الاحفوري، ولمشاريع الطاقة المتجددة، التي سبق أن أعلن عن برنامجها في العام الماضي بإشراف وزارة الطاقة والصناعة والثروة والمعدنية، يُعلن عن هذا المشروع الضخم بسعة 200 جيجاوات، فضلاً عن توجه المملكة لتوليد الكهرباء من الطاقة الذرية عبر انشاء 16 مفاعلاً على مدى ربع قرن بتكلفة 80 مليار دولار، والتي تهدف لاستيعاب نمو في الطلب المحلي، لتكون حصتها بحدود 15 بالمائة من مزيج الطاقة.

مشروع الطاقة الشمسية الضخم، قد يحتاج لمزارع ألواح شمسية تنبسط على مساحةٍ قدرها قرابة 500 كيلومتر مربع، وبحكم قدرته الفائقة على استغلال الميزة النسبية لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الوفيرة، فبوسعه أن يكون مرتكزاً لتصدير الطاقة النظيفة لدول المتوسط وشمال أفريقياً، بل وأن يكون الحلقة الأهم لشبكةٍ للطاقة تربط - في المدى الطويل - مع مشاريع في أفريقيا وآسيا، مثل شبكة آسيا العظمى «Asia Super «Grid ودسرتيك، تتجسد مقولة الرؤية أن بلدنا رابط لثلاث قارات.

ولعل من الملائم الإشارة إلى أن ”الرؤية السعودية 2030“ وضعت ما تمتلكه السعودية من إمكانات استثمارية ضخمة أساسًا لإطلاق أكبر صندوق استثماري سيادي في العالم، حيث تعد القوة الاستثمارية المفتاح والمحرك لتنويع الاقتصاد وتحقيق استدامته، فيما يمكن الموقع الجغرافي الاستراتيجي المملكة من أن تكون محور ربط القارات الثلاث في حال وظف التوظيف الملائم من خلال مشاريع رئيسية عالمية الوزن.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى