آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

تحديات متوازية.. الأمن والاستثمار

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

تابعنا جميعا الأسبوع الماضي تثبيت وكالتين من وكالات التصنيف الائتماني، التصنيف الائتماني للسعودية. درجة التصنيف هي ”درجة استثمارية“ والنظرة المستقبلية مستقرة. علينا ملاحظة أن هذا يحدث رغم كل التحديات التي تجابهها المملكة من حولنا، وما على السعودية من أعباء عربية وإسلامية ودولية، والتي تتجسد واضحة حيثما نظرنا، مما يتطلب الكثير من الجهد. لكن علينا أن ندرك كذلك أن الأساس والمرتكز هو الأمن، فهو ليس قيمة بل حاجة إنسانية غريزية، فالإنسان مجبور على حب ذاته والاستبسال للحفاظ عليها. وانطلاقا من هذه الحاجة نجد أن الاستقرار، الذي هو شرط مسبق لأي تحضر انساني، هو من إفرازات استتباب الأمن.

وهكذا، فافتقاد الأمن أمر لا تقوم معه دول ولا حضارات. وفي وطننا الغالي هذا. وتاريخياً، فنحن من أكثر شعوب الأرض إدراكاً لهذه الحقيقة، وعايشت في صغري بقايا الأسوار والدراويز «البوابات» التي كانت تحيط بفرجان الهفوف الرئيسية لحمايتها من هجمات الغزاة والطامعين. ولازلنا نتوارث قصص وأشعار متوارثة عن تلك الحقب الغابرة من استباحة الأموال والأعراض. وكان الأمر شائعاً في طول بقاع وطننا الغالي وعرضها، فمن كان يجرؤ أن يسافر، حتى إلى الحج أو العمرة بدون ”رَّفَق“؟ وهي مرافقة من أبناء البقعة التي يمر بها الركب ويكون تحت حمايتها حتى يتجاوز منطقة نفوذها ليستلمه ”رفق“ آخر من أبناء تلك المنطقة، وهكذا. ثم أصبحت كل تلك البقاع ومناطق النفوذ وطنناً واحداً قوياً بإيمانه بالله سبحانه، فغدونا نحمي بعضنا بعضاً.

هذا التحول من الفرقة والتمزق، تبعه تحول أخر لا يقل أهمية، هو التحول من الفقر إلى الغنى بعد اكتشاف النفط واستخراج وتصديره، وتوظيف أمواله للبناء ولتعزيز الأمن ولصيانة حياك الوطن. ومع توالي العقود نجد بلادنا - بفضل الله - تزداد متانة وثراءً، وما كان هذا ليتحقق إلا بتوفر الأمن، ومن ثمة الاستقرار.

وعلى الرغم من الحاجة لتعزيز مناخ الاستثمار دائماً للفوز بحصة متزايدة، إلا أنه لابد من الالتفات للواقع، والإقرار بأن رغم كل شيء فإن قدرتنا على استقطاب المزيد من الاستثمارات في تحسن، وهذا تبينه التقارير، فمثلاً نمت ملكية الأجانب في الأسهم المدرجة في ”تداول“ بنحو 2,76 مليار دولار «10,35 مليار ريال» خلال الربع الأول من هذا العام، وهذا النهج مرشح ليتضاعف في غضون هذا العام. كما أن الأنشطة الاقتصادية الجديدة بما في ذلك المشاريع العملاقة، مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية بدأت تستقطب بواكير المستثمرين، وكذلك مشاريع الثقافة والترفيه. يتغير وطننا ويتطور ويبقى الأمن ثابتٌ مستقر، وهو القيمة الأكبر والحاجة الأهم.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى