آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 1:31 م

الحدائق البلدية في القطيف

أمين محمد الصفار *

خلال زيارتي لمهرجان الساحل الشرقي الذي أقيم في الدمام مؤخراً، تذكرت المرحوم مهرجان الدوخلة الذي كان يقام كل عام في عيد الأضحى المبارك. لم يكن مهرجان الساحل الشرقي يتفوق على مهرجان الدوخلة سوى في المكان المؤهل الجاهز والمساحة الكبيرة والتي اقتطعتها الأمانة لإقامة مهرجان الساحل الشرقي، وهو ما لم يتحقق لمهرجان الدوخلة بالرغم من مضي أكثر من عشر سنوات على إنشاءه قبل أن يتم ايقافه.

أردت البدء بهذه المقدمة للتأكيد على أهمية تهيئة البنية التحتية لأي مدينة كي تكون جاهزة وقادرة على إقامة الفعاليات والأنشطة المختلفة على مستوى المنطقة وليس فقط المدينة. وهو أمر مفقود تماماً في القطيف دون أي يكون له مبرر واقعي أو منطقي يمكن قبوله. لذا عندما نسمع من بلدية القطيف أن عدد الحدائق في القطيف وصل إلى 153 حديقة، فأنه يتبادر إلى الذهن أنه على الأقل هناك حديقة واحدة يمكنها أن تحتوي فعالية ما تقام بها على مستوى المنطقة أو شيء من هذا القبيل. لكن عند التدقيق في هذه الحدائق المزعومة - للأسف - يتضاءل الأمل والطموح بشكل كبير.

لقد اطلعت على الدليل الإرشادي لوزاة الشؤون البلدية بشأن الحدائق، ووجدت فيه الكثير من المعلومات المهمة والطموحة التي تساعد أي بلدية للقيام بمسؤولياتها في هذا الخصوص، فالدليل الإشادي يصنف الحدائق لعدد من الأصناف منها: حديقة الحي، وحديقة المدينة، وحديقة الأطفال «ملاعب الأطفال»، وحدائق الشوارع والميادين العامة، وحديقة الشاطئ «للتذكير لا يوجد لدينا شاطئ حتى الآن»، حديقة منتزه وطني، وحديقة منتزه مرفق عام، وحديقة الحيوان وحدائق عامة أخرى. ثم يضع المواصفات والمعايير «الاسترشادية» لكل واحدة من هذه الحدائق مستعيناً بذلك بالنموذج المصري والأمريكي.

لقد زرت عدد من الحدائق البلدية لقياس الفارق بين ما هو مكتوب وما هو موجود، ووجدت كثيرًا من الملاحظات الغريبة التي لا تنسجم مطلقًا مع أدلة الوزارة بهذا الخصوص، وأستطيع ايجازها في التالي: سوء التوزيع الجغرافي للحدائق نسبة للسكان، وهو حديث ذو شجون إذ تجد بلدات ليست ذات كثافة سكانية لكن فيها حدائق بمساحات كبيرة جدًا، وبلدات عالية الكثافة السكانية لكن عدد قليل ومساحات صغيرة جداً للحدائق القليلة، أيضا من الملاحظات بعض الحدائق ذات أسوار عالية بلا هدف وأعمدة خرسانية ضخمة لا مبرر له وهي تحجب داخل الحديقة بنسبة شبه كلية وتشوه المنظر العام، وهو معاكس لأهداف وجود الحديقة، أيضا وهي مفارقة عجيبة إذ وجدت بعض الحدائق تشكل المسطحات الإسمنتية فيها مساحة أكبر أو تكاد من الرقعة الخضراء المزروعة وهذا شيء يصعب فهمه. وتبقى أيضا ملاحظات متعلقة بدورات المياه في الحديقة والإنارة وسهولة الوصول لذوي الاحتياجات الخاصة.. الخ.

اذكر قبل عام تقريباً ولأجل إعداد تقرير عن الحدائق بالمحافظة، طلبت من البلدية تزويدي بمعلومات عن هذه الحدائق 153، حيث أن المعلومات الموجودة على موقع البلدية لا يشمل سوى عدد منها فقط، فأفادني الموظف المختص عبر صفحة البلدية بأنهم مقبلون على تغيير كلي للموقع، ولطلب أي معلومات يلزمني مراجعة البلدية شخصياً. لم اتقبل - ونحن في هذا العصر - فكرة أن يذهب شخص بنفسه للبلدية فقط لأجل الحصول على معلومات بسيطة من هذا القبيل. للأسف لم تتم عملية تحديث موقع البلدية على الأنترنت، لا كلياً ولا حتى بالمعلومات التي طلبتها عن الحدائق 153 إلى الآن.

أن أهمية الحدائق العامة في القطيف أصبحت أكثر إلحاحًا ليس فقط لإقامة الفعاليات والأنشطة المختلفة على مستوى المنطقة، بل أننا نلاحظ عوامل أخرى لم تكن ظاهرة كما هي الآن مثل: زيادة أعداد كبار السن والمتقاعدين، وكذلك الانتقال لنمط البيوت الصغيرة، وأيضا ازدياد ضغوط الحياة الحديثة، كلها عوامل إضافية تفرض نفسها.

لذا ادعو بلدية القطيف لدراسة هذا الأمر والعمل على الانتقال لمستوى ارفع من الأداء القائم على المبادرات الطموحة القادرة على التغيير الذي يتناسب مع طموح الأهالي ورؤية المملكة 2030.