آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 9:58 ص

حماس.. تطبيل

محمد أحمد التاروتي *

اختلال ميزان الموالاة والمعارضة، يشكل ازمة حقيقية، في انتهاج الاليات المناسبة، لوضع الامور في المسار الصحيح، وبالتالي فان الامور تجري بما لا تشتهي السفن، مما يقود الى الانحراف عن الجادة السليمة، واحيانا يؤدي الى غرق المراكب، وسط التيارات المتلاطمة، من انقلاب المفاهيم، الامر الذي يسهم في فقدان التوازن العقلي، او الاختلال الاخلاقي، خصوصا في حال خرجت الامور عن السيطرة، وتغلبت الاهواء على صوت العقل، نظرا لغياب التروي في اتخاذ الموقف.

الحماس الزائد يخرج المرء في بعض الاحيان، عن رؤية الامور بالصورة الصحيحة، نظرا لوجود في وسط حشود، لا تعرف سوى التطبيل، ولا تفقه من امرها سوى التصفيق، بصوت مرتفع، الامر الذي يسهم في التأثير على القرارات الصائبة، وبالتالي الحرمان من نعمة الإنصات لصوت العقل، وضياع الحكمة، بحيث تؤدي الى السير في اتجاهات مختلفة، نظرا لفقدان السيطرة على القرارات، وعدم القدرة على الوصول الى النبع الصافي، فالمرء بما يملك من أحاسيس، ومشاعر يقع احيانا، تحت تأثير المحيط الاجتماعي، مما يسهم في الوقوع في المطبات الكثيرة.

التطبيل انعكاس لظاهرة حماسية، وغير متوازنة في الغالب، فهذه الظاهرة تخلق حالة من التنويم العقلي، وتظهر الجانب الانفعالي، لدى الانسان، الامر الذي يقود الى اتخاذ قرارات ارتجالية، وبعيدة عن الصواب، خصوصا وان التطبيل لا يشكل صوت العقل الباطني، بقدر ما يظهر صدى الانفعالات الوقتية، الناجمة عن ردود افعال، تجاه بعض القضايا المثارة على الساحة، مما يستدعي إيجاد قنوات قادرة على امتصاص، تلك الانفعالات الطارئة، لتصب في الخانة المتوازنة، لتفادي الوقوع في المحظور.

الابتعاد عن مواطن التطبيل، يمثل الخطوة الاولى باتجاه ترشيد القرارات، وخلق مسار واضح، في التعاطي مع الامور وفقا للمعطيات، واستنادا للحقائق بعيدا عن التأثير العاطفي، خصوصا وان اطلاق العنان للحماس، يسهم في تسليم العقل للاخر، بمعنى اخر، ان العيش في بيئة لا تعرف سوى التطبيل، في مختلف القضايا، يحرم المرء من الاستفادة من العقل، والقدرة من اتخاذ القرارات باستقلالية تامة، نظرا لوجود مؤثرات خارجية، تلعب دورا في توجيه القرارات باتجاهات محددة، وبالتالي فان الخروج عن المألوف يبقى صعبا، ويحتاج الى إرادة صعبة، وقدرة فائقة، تتحدى جميع الظروف الاجتماعية المحيطة.

عملية التحكم في المشاعر، يتطلب الخروج من الصندوق، وترك مسافة قادرة، على رؤية الامور على الحقيقة، خصوصا وان التطبيل يحدث ضجيجا عاليا، مما يحول دون القدرة، على الاستماع لصوت العقل بالشكل اللائق، وبالتالي فان الحماس الزائد وغير المنضبط، يعطي احيانا نتائج، بخلاف ما يتمنى المرء، نظرا لضياع البوصلة القادرة، على تحديد الاتجاهات الصحيحة، الامر الذي يستدعي وضع اطر قادرة، على خلق المناخات المساعدة، على تجاوز تأثيرات اصحاب التطبيل، ويحد من الاثار السلبية الناجمة، عن سيطرة الحماس على الرؤية السليمة، خصوصا وان الابتعاد عن تموجات التطبيل، يريح الاذان من الضجيج، ويمنح المرء مساحة، لإعادة ترتيب الامور، بعيدا عن ضغوط المحيط الحماسي، بمعنى اخر، فان التطبيل بما يحمل من صراخ مرتفع، يشكل معضلة في تصويب الامور، باتجاه الاهداف المرسومة، نظرا لوجود تأثيرات خارجية، تحول دون التركيز، او العمل براحة تامة.

كاتب صحفي