آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

مطار روما ومطار الرياض

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

في طريق عودتي للمملكة توقفت في روما لساعات، قضيت جزءا مهما منها في مطار روما ”ليوناردو دي دافنشي“. لن أحدثكم عن المطار والطيران والوجهات، بل سأحدثكم عن الطابع الإيطالي الطاغي، حيث تجد أن المطار عبارة عن أول نقطة إيطالية يتعامل معها القادم، وآخر نقطة يودعها المغادر.

عندما نتحدث عن الارتقاء بالمحتوى المحلي، ضمن جهود تحقيق ”رؤية السعودية 2030“، والجهد الكبير الذي يبذل لتعديل التشريعات لتستجيب لهذا المفهوم الاقتصادي الارتكازي، بما في ذلك إدخال تعديلات مهمة في نظام المنافسات الحكومية لتوجيه التعاقدات الحكومية نحو المحتوى المحلي.. فإننا نتحدث عن خيار استراتيجي اتخذته الدولة على أعلى مستوى، بما في ذلك إيجاد وحدة للعناية بالمحتوى المحلي ضمن الأمانة العامة لمجلس الوزراء. ويتجسد تنفيذ ذلك باشتراط محتوى محلي لجميع التعاقدات العسكرية، وتعزيز برنامج «أرامكو السعودية» للمحتوى المحلي ”اكتفاء“، وإطلاق برنامج «سابك» للمحتوى المحلي، وكذلك الأمر بالنسبة للمشتريات الحكومية من خلال تعديل نظام المنافسات الحكومية كما سبقت الإشارة.

وهنا يبرز السؤال: هل تحقيق ذلك رهن ب ”أرامكو وسابك“ والتعاقدات الحكومية؟ أم ينبغي أن يكون ”المحتوى المحلي“ حالة عامة؟ بمعنى: هل يكفي أن نترك مهمة تنمية المحتوى المحلي لتعاقدات الحكومة و”أرامكو وسابك“؟!

أعود لمطار ”دافنشي“ لتجد أن المحتوى المحلي الإيطالي طاغٍ، ليس فقط فيما يتصل بالعنصر البشري، في كل ناحية من نواحي أعمال المطار، بل كذلك حتى فيما يباع في ردهات المطار من بضائع وطعام وشراب، يقومون بذلك دون تنطع، بمعنى أن الأسماء التجارية العالمية موجودة، لكنك لن تتمكن مهما حاولت أن تتجاوز الوجود الطاغي للمنتجات الإيطالية، بما في ذلك تفاصيل التفاصيل. فمثلا ستجد أرففا كثيرة تعرض المعكرونة ”الباستا“ الإيطالية بأشكالها وأنواعها وألوانها ومكوناتها المختلفة، لدرجة أنه ليس من المبالغة القول إن ما تراه هو ”معرض“ للباستا أكثر من كونه مكانا لتصريف المنتج! وستجد الحلويات والشوكولا والبهارات وحتى الطماطم المجففة، والكثير من الأجبان. ليس هذا فقط، بل أفرد لها معرض فسيح بموقع مميز ليتيح لها أن تعرض بألوان زاهية وتشكيلات جاذبة. وتذهب للدور الثاني، لتجد الاعتداد بالشخصية والسمة قد ترجم في مطاعم وأكشاك طعام تصدح بكل ما هو إيطالي، أكلا وشربا. أين مطاراتنا من كل هذا، قهوتنا العربية غائبة، وتمورنا الغالية مغيبة، وأكلاتنا لا أثر لها، كلها طردتها المستوردات. لا أقول أن ننغلق، بل ألا نكون غربانا.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى