آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

ما الذي يدعم الحرفي في القطيف؟

أمين محمد الصفار *

من نعم الله علينا أن نرى الحرف اليدوية القديمة بين انامل ثلة من شبابنا - وليس شيوخاً كبار في السن فقط - نراهم يثرون الأسواق والحركة السياحية في المحافظة والمنطقة الشرقية. نراهم يشاركون بتميز في المهرجانات المختلفة على مستوى المملكة، ويمثلونها على المستوى الدولي، تصلهم طلبات للقيام بأعمال حرفية خاصة ومتنوعة من دول الخليج، شاهدنا بعض أعمال الحرفي القطيفي في أروقة السفارات الأجنبية في الرياض، كما شاهدناه في البيوت الخاصة ببعض أعضاء البعثات الدبلوماسية في المملكة.

لكن مهلًا، ليس هذا كل شيء، فكل هذا لم ولا يشفع لأصحاب هذه الحرف العزيزة علينا بالبقاء فضلًا عن النمو والتحول إلى مؤسسات قادرة على التوسع والمنافسة، فهناك العديد من الإجراءات البلدية التي تقتل هذه المهن وأصحابها شر قتلة، أولها الإهمال والتجاهل والتعامل معها بعبارة «حسب النظام» القاتلة.

عندما اتتبع قصة تحول الحلوى البحرينية اللذيذة من مجرد حرفة ثانوية بسيطة يقوم بها الحرفي البحريني البسيط، إلى سمة من سمات البحرين، وصناعة يمارسها رجال الأعمال بعشرات الملايين سنوياً، وتخلق مئات الوظائف حينها نحتاج أن نتوقف كثيراً عند مثل هذا المثال البسيط. فلدينا من الحرف التاريخية العظيمة ينتج ما هو أهم من الحلوى وغيرها، لكنها مازالت غير قادرة حالياً على البقاء فضلا عن الانتقال الى عالم الصناعة المحترفة القادرة على النمو والتطور والدخول في عالم التجارة الدولية.

عندما أشاهد مكتب الحاكم الإداري سمو أمير المنطقة الشرقية وهو يتحلى تصميمه بسمات التراث المحلي للمنطقة، ينتابني شعور لماذا لا تصل مثل هذه الرسائل الواضحة إلى الأجهزة الرسمية في القطيف تحديداً، فأنا شخصياً لا اعرف رسالة قوية عملية واضحة أقوى من هذه الرسالة يوجهها الحاكم الإداري للمنطقة للاعتناء وإبراز هذا التراث العريق للمنطقة.

في فترة سابقة كنا نشاهد الأعمال الفنية التشكيلية لفناني القطيف متواجدة بقوة في الدوائر الحكومية في القطيف على أقل تقدير، لكن الآن يكاد يكون هذا النوع من الدعم للفنان التشكيلي في القطيف قد اختفى إلا من مبنى المحافظة، بل حتى القاعة الوحيدة التي كانوا يديرها هؤلاء ويعرضون فيها أعمالهم الفنية في مركز الخدمة الاجتماعية قد سحبت منهم فجأةً.

أريد أن اشاهد الأعمال الحرفية التراثية القطيفية في كل مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية في القطيف ومقرراً دراسياً في حصة النشاط على أقل تقدير. لماذا اشاهد مبنى بلدية القطيف الجديد - وهو الأحدث في المحافظة - خالِ من أي ركن أو ملمح للتراث المحلي بأنواعه أو أي أثر للحرف المحلية؟ ما الذي يمنع البلدية لأنشاء ركن حرفي تراثي معين في مبناها الجديد، سواء بالتعاون مع صانع فخار أو نجار متخصص بالأعمال الخشبية التراثية أو حداد أو غيرهم؟ لماذا لا نشاهد هذه الأعمال العظيمة التي نراها تزين أروقة وقاعات السفارات الأجنبية ولا نراها في الدوائر الحكومية في القطيف؟؟؟

لكي تسيل هذه الحرف التي للأجيال القادمة باعتبارها وقف وسند تتوارثه أجيال هذه المنطقة، يجب أن يتوقف حالاً هذا التجاهل والجحود بكل أشكاله لهذه الحرف التراثية بكل أشكالها، لضمان عدم توقف هذه الحرف التاريخية العظيمة عند عتبة هذا الجيل، فدعمهم بكل اشكال الدعم هو دعم للمستقبل وحفظ للتراث والعمل الحرفي العريق وتنمية حقيقية لقطاع إنتاجي مميز.