آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

أدباء: التكنولوجيا غيرت معنى رمضان وأزالت الكثير من العادات

جهات الإخبارية سوزان الرمضان - القطيف

اتفق مجموعة من الأدباء على تأثير التكنولوجيا في شهر رمضان والذي يفترض ان يتميز بتجليات روحية تنعكس إيجابا في سلوكنا واختياراتنا في الحياة، معبرين عن استيائهم الإنكباب على وسائل التواصل الاجتماعي والمسلسلات في هذه الأيام الفضيلة، بدل اغتنامها في العبادة والتواصل الحقيقي مع الأهل والأصدقاء، واختلفوا حول تأثير هذه الأيام في نتاجهم الأدبي.

ويقول الشاعر حبيب المعاتيق في حواره لجهينه: ”ان شهر رمضان هو“ فسحة لترميم ما انهدم في نفوسنا طوال أشهر السنة جرّاء الغفلة والسهو"، مضيفا: بلغة الأطفال هو ممحاة ربانية، تمسح مانشب في قلوبنا من نكت سوداء راكمها التقصير والسهو، والبعد عن مناهل الرحمة.

ويرى أن التكنولوجيا داهمت كل مناشط الحياة، وألقت بلوثتها على الشهر الفضيل، لتزيل نكهته في الإجتماعات الأخوية والعائلية، واصفا حالها ”صارت اجتماعات أجساد فحسب، فمعظمنا مطرق على شاشة هاتفه النقّال في عالمه الخاص“.

وعبّر عن شعوره بالشفقة على المغتربين والغائبين، ممن تحول غربتهم دون تلك الاجواءا لتي تحنّ اليها القلوب، متمنيا عودتهم ليهنأ الجميع بنفحات الشهر العليلة.

وأشار إلى تأثر نتاجه الأدبي خلال هذا الشهر، خاصة مع وطأة العمل حيث تقل الساعات المهيأة للكتابة في العادة، بالإضافة الى ازدحام الشهر بالأنشطة والفعاليات والتي ترخي بظلالها على الوقت أيضا.

ويصف المسرحي عباس الحايك الشهر بأنه ”محطة استراحة بأجواء دينية“، لافتا إلى أنه شهر روحاني بالدرجة الأولى، وللتقرّب الى الله، وراحة من رتم الحياة.

ويستغرب كل هذا اللهاث على المسلسلات التلفزيونية، بدل استغلال الشهر في العبادة، والإقتراب بشكل أكبر من الأهل والأصدقاء، منوها إلى عدم اكتراثه لما يُقدّم فيها، وعدم متابعته لها بانتظام.

وعبّر عن قلقه على الجيل الصغير والذي يقضي معظم وقته في مشاهدة برامج اليوتيوب، متسائلا: ”ما هي الذكرى التي ستعلق في أذهان أطفال اليوم عن رمضان حين يكبرون“؟، ويعود بذاكرته الى الوراء: ”كان لهذا الشهر معنى مختلفاً، ألعاب رمضانية خاصة، كنا نلعبها في الشوارع لم تعد موجودة، كانت له نكهته الخاصة“.

وينتقد حالة الإنشغال بالهواتف النقالة والتي بات معظمنا يستعيض بها عن الحديث، والاستماع لأخبار بعصنا، مشيرا إلى أنه: ”حتى في بيوتنا صرنا مشغولين بالهواتف النقالة بدل أن نتحدث لبعضنا البعض، ونسمع أخبار بعضنا البعض، فحتى الإجتماعات العائلية لم تعد كما كانت بل صارت الهواتف رفيقتنا ورفيقة جمعاتنا“.

ويرد قلة نتاجه وقراءاته خلال هذا الشهر الفضيل ”لشعوره انه ليس الوقت المناسب، وتفضيله التفرغ للعائلة والتقرب الى الله“.

ويقول لقرائه ومتابعيه: ”رَمَضَانُ عَافِيَةٌ فَصُمْهُ تُقًى لتَحْيَا مُطْمَئِنَّا“، سائلا المولى أن يكون هذا الشهر خير وبركة ورحمة على الجميع.

ويرى الشاعر جاسم المشرّف ان التكنلوجيا عامة والتقنيات الرقمية خاصة، ساهمت في إعادة تشكل وهدم وبناء الكثير من أنماط السلوك البشري، ومنها العادات الاجتماعية والتي ألقت بظلالها على هذا الشهر في الحرص على التزاور، والتواصل الشخصي، والاستعاضة عنه ب «السوشل ميديا».

ويصف الشهر بالتجلي الأعظم لرحمة الله ومغفرته، وكرمه وجوده، مشيرا الى ان هناك من يشتاقه اشتياق المحبوب للغائب، ويتطلّع إليه تطلع العاطش للماء الزلال، فيغتنم دقائقه وساعاته في الذكر والتلاوة والتلذّذ بالمناجاة والاستغفار والتقلّب في ضيافة الله، وهناك من لايبالي بعظمته وحرمته ويستقبله كاستقباله لأي شهر آخر، والأدهى هو من يحوّله مساحة للاستهلاك السلبي، لوقته، وماله، وطاقته المعنوية، والروحية في البرامج التي تعلي من شأن التفاهة.

وذكر أن كتاباته في هذا الشهر تأخذ منحى عرفاني، وتتجلى بركاته فيما يمارسه من كتابة ومراجعة؛ مشيرا الى عدم انقطاع جدوله الثقافي من قراءة وكتابة ومشاركة، بل ان محاضراته ومشاركاته الثقافية تزداد فيه عن غيره من الشهور.

ويقول في شهر ربيع القرءان:

إذا ما تلوت الذكر يخضع جانحي

وخشعة تعظيم إلى خاطري تسري

وتسري وتسري قشعريرة سحره

ويرجف قلبي واجفا من لظى الوزر

فآية شوق تزرع القلب جنة

تفوح بأزهار المحبة والشكر

وآية تعظيم تثير جوانحي

وتخلع لي قلبي وتسلبني فكري

أحسُّ إذا الآيات تحكي جنانه

«كأنَّ زهور الروض تفتح في صدري»

واشعر اني في الجحيم مصفداً

إذا ما تلوت آية الخوف والزجر

فنهرٌ من الآيات يجري بخاطري

فتسجد أحلامي إلى مطلع الفجر

ويرى الشاعر علي النحوي في رمضان حالة عروج انسانية واستثنائية تكسر في داخلنا السائد والنمطي والمعتاد، وتهبنا مساحة تأمل لمغادرة الدوائر الضيقة، والتحول الى ماهو كوني ووجودي، لنتعلم به معنى البقاء والخلود.

وكغيره من الادباء يرى أن التكنولوجيا والفضائيات غيّرت ملامح رمضان الذي نعرفه قديما، لتضع بعض العادات الرمضانية في ذاكرة النسيان، مضيفا: ينشغل الناس بعالم يأخذهم بعيدا عن محيطهم الإجتماعي والعائلي، ويشغل أذهانهم بفكرة أبعد من حدود الحي الذي كانوا يشغلونه بقناديل الإحتفالات الرمضانية التقليدية، واصفا حالهم ”يحاكون العالم كله الذي يصبح ككرة أرضية صغيرة بين أيديهم، ويزورون مدنها وقراها بطريقتهم الخاصة“، لافتا الى انه لعل من أهم ماغاب من حضرة رمضان أو كاد الاجتماعات العائلية التي تقرأ فيها الأوراد، ويتلى فيها القرآن بشكل جماعي.

وتتأثر قصائد الشاعر النحوي بهذه المناسبة، ويقول عنها ”ترتدي فستانا يشبه هذا الشهر، وعادة ما أوطرها بافكار تتحرك في دائرة الحب والسلام والطمأنينة، دون الهبوط بها الى مستوى الكتابة الوعظية والنمطية المتكررة، حماية لها من الترهل والتكرار“؛ مشيرا " أحاول في رمضان اقتناص فكرة شاردة تهب قصيدتي جناحا، يبلغ بها جهة لم يكن ببالغها في غيره.

ويقول ان للمتلقي الذي يتابعه ويكمله بعنايته واهتمامه دور كبير في حمل الشاعر على اكف من ضوء الى قلوب محبيه".

وفي أبيات له من روح هذا الشهر:

‏من قمحِ

هذي الأرضِ نأكلُ مثلما

تقتاتُ منْ أرواحِنا الأقدارُ

لا بأسَ أنْ

نمضي لآخرِ رحلةٍ

وتضيقُ عنْ إيوائِنا الأعمارُ

وعلى

التّوابيتِ

التي تمشي إلى

أجداثِنا تتحولقُ الأسرارُ!!

يا دارُ
خبّأنا بقيّةَ نبضِنا
في جيبِ ظلِّ خميلةٍ يادارُ

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
um baqer
[ Toronto ]: 23 / 5 / 2018م - 9:31 م
جزاكم الله خير .. الله يذكركم بالطيب وزيارة الحبيب محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ?