آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 1:42 ص

رمضانيات ”15“

محمد أحمد التاروتي *

كسر الروتين والقضاء على الرتابة، يسهم في تجديد الدماء، وتزويد الجسم بالطاقة اللازمة، لمواجهة التحديات المادية، التي تعترض طريق في سبيل تشكيل المستقبل، وبناء الذات بما يحقق الرضا النفسي، فالبقاء على نسق واحد لسنوات طويلة، يبعث على الملل، ويمنع التطور المطلوب، بما ينسجم مع المستجدات الحياتية، بمعنى اخر، فان المرء الذي يرفض استخدام الأدوات الحديثة، انطلاقا من مبدأ التمسك بالقديم، يتأخر عن الركب، ويبقى في المؤخرة، نظرا لافتقاره للقدرة على القراءة المطلوبة، للتعاطي مع المستجدات الدينية.

القضاء الروتين عملية مطلوبة على الدوام، فالمرء الذي يتحرك وفق برنامج متكامل، يتضمن التنوع والتغيير المستمر، يكون قادرًا على امتصاص الصدمات الحياتية، لاسيما وان الروتين يمنع في بعض الاحيان، من القدرة على التعامل مع المفاجآت بالطريقة المماثلة، نظرا للافتقار للمرونة اللازمة لتقليل الخسائر، الامر الذي يفسر سرعة استيعاب البعض للتقلبات الاجتماعية، والتحولات الثقافية، وصعوبة تأقلم البعض الاخر، حيث يمكن الاختلاف في القدرة، على التحول من جبهة لأخرى، بشكل سريع، جراء الأسلوب الحياتي المتبع، والمتمثل في كسر الروتين على الدوام.

عملية القضاء على الروتين، ليست متاحة للجميع، ولكنها ليست مستحيلة، فالعملية مرتبطة في النظرة للحياة، والطريقة المناسبة للتعامل معها، بالاضافة لوجود القدرة على التغلب على الضغوط النفسية، التي تمنع التحرك الدائم، وعدم الثبات على طريقة ثابتة، خصوصا وان كسر الروتين يتطلب احيانا جهدا كبيرا، بخلاف البقاء على الأسلوب السابق، فالمرء الذي يحاول الانتقال من ضفة لأخرى، بحاجة الى قارب وقدرة القدرة التجديف، باعتبارها أدوات ضرورية للوصول بسلام، كذلك الامر بالنسبة لعملية الانتقال من الروتين، الى الطريقة غير الثابتة.

رفض الرتابة ليست مقتصرا على الجانب المادي، وإنما يشمل الجانب المعنوي والروحي، فالمرء بحاجة الى برامج روحية لاحياء القلب، وابعاد القسوة التي تمثل احد العوامل لخسارة المرء، ”ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً“، الامر الذي يستدعي استغلال المناسبات الدينية، بالصورة المثلى للتزود بالطاقة الروحية، القادرة على مقارعة النفس، والتغلب عليها، لاسيما وان المغريات الدنيوية تشكل احد العوامل، التي تقتل الجانب الروحي في القلوب، مما يحول بينها وبين وضع البرامج الداعمة لاحياء القلوب.

شهر رمضان يمثل احد المحطات الروحية، القادرة على تزويد النفس بالطاقة الروحية، فالشعر الفضيل يختلف كثيرا عن بقية الشهور، نظرا لما يمتاز به من اجواء روحية، تخيم على الجو العام، مما يعطي المرء المساحة الكافية، للقضاء الحالة الروحية السلبية، والانتقال للمنطقة الايجابية، مما يشكل محطة مهمة في مسيرة المرء الروحية، وبالتالي القدرة على مقارعة الاهواء على اختلافها، " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ. شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الأَيَّامِ، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ. هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللهِ "

كاتب صحفي