آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

رسالة إلى مسرحي شاب 1/47

أثير السادة *

واعلم بأن كل البروفات التي دوزنت بها جسدك وصوتك لن تكفي لرفع قامتك المسرحية مالم تنجز درسك الأول في الحياة، وهو الحوار، أن تحسن اكتشاف الناس والحياة عبر لغة الحوار، فتلك الحكاية الأجمل التي يراد لك أن تصوغها كلما عزفت على أوتار روحك المسرحية.

كل شيء في أركان المسرح يعيش لحظة الحوار تلك، حوار بين المؤلف والمخرج، بين الممثل والمتلقي، بين الإضاءة والصوت، بين القول والقول، وبين كل مفردة ماثلة على الركح وفضاء المكان الذي سيهندس شكل الفرجة وأحوالها، فالحوار قلب هذا الفعل الفني وجوهره.

لا يمكن أن تطلب من الناس أن تسمع لك وتصغي بإمعان خلال ساعة وأكثر من الوقت ثم لا تريد أن تسمع منهم همسا ولا قولا ساعة يتوقف العرض المتخيل ليبدأ عرض الحياة، لا يمكن أن تنتمي إلى فعل حواري بامتياز، ولا تحسن أن تكون طرفاً في حوار حي مع الجمهور، تخفف من شهوة البحث عن المديح، وافتح قلبك لكل ماتفيض به أمزجة العابرين من حدود العرض.

وتذكر بأن باب النجاح يضيق إذا ضاقت عقولنا عن قبول الاختلاف، وإذا صرنا أسارى أحكامنا الخاطئة عن أنفسنا، اترك للناس نصيبا في تأويل العرض، والتفتيش عن وجوه الجمال والقبح فيه، فهم الجزء المتمم لمعنى وقيمة العرض، ولا يجدر بك أن تستأنس التصفيق فقط، فلعل حديثا قاسيا يكون فانوسا مضيئا يهبك وضوح الرؤية في اتساع الطريق.

فإذا كان تؤمن بأن المسرح بيتك الأثير، فاترك هامشا فيه لحديقة الأفكار، دعها تتحاور وتتجاور، وافتح نوافذ قلبك لتشم ألوانا من الرؤى المتباينة، واجعل الحب عنوانا لصلتك بها، فلا شيء يهبك الخلود، والديمومة والاستمرار، إلا محبة الناس، وأول الطريق لذلك هو قبول اختلافهم حول عرضك المسرحي، والبحث فيه عن ما يسد النقص ويهبك الوصول إلى ضفاف الحلم.

والسلام...

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
طاهرة آل سيف
25 / 6 / 2018م - 1:59 م
لستُ ممن تستهويه المسارح والتمثيل وإن كان لوناً جميلاً من الفنون ، لكنني وجدتُ بالمقال ماينطبق على مسرح الحياة الواسعة الحقيقية من أول كلمة إلى آخر كلمة ، وفقكم الله لكل خير مقال جميل أعجبني .