آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 11:39 م

الانقلاب في العلاقات وتجاوز مخاضها

المهندس أمير الصالح *

سمع البعض من التلفاز بمصطلح الانقلاب الابيض او الانقلاب الوردي او الانقلاب الدموي او الانقلاب الاصفر.

وقد عبر اهل الاقتصاد عن انهيار اسعار الاسهم العالمية ب الاثنين الاسود والجمعة الاسود وهكذا وصفت سائر الايام الاخرى التي تنقلب فيها المؤشرات او تنتكس.

في عالم السلوك البشري، يتفأجا البعض من الناس الاوفياء عندما ينقلب بعض ممن يحيطون بهم في الآراء والافكار والاقوال والتصرفات والسلوك والمواقف وحتى المعتقد. وردود الفعل مختلفة باختلاف القدرة الفكرية والقابلية الذهنية لامتصاص الصدمات وفهم متغيرات الواقع. في بعض الحالات، من قوة الصدمة يعتزل المصدومين أصدقاءهم الصادمون لهم لفترات زمنية مختلفة وقد تصل حد القطيعة الابدية. وفي حالات قليلة يبحث المصدومين عن اسباب ذلك الانقلاب في السلوك او الافكار لاستخلاص العبر وتحصين الذات من الوقوع في نفس المطبات مستقبلا. ويذهب آخرون الى الرصد والمواجهة مع الانقلابيون، وهذا التوجه او المعالجة تكون نسبة تطبيقها متذبذبة من مجتمع لآخر؛ مع مراعاة تامة والاخذ بالاعتبار للحقوق المدنية والقانونية المطبقة في بلد ذاك المجتمع.

اتذكر قصة وقعت قبل عقدين من الزمن وهي ان فتاة مسلمة لتو بلغت السن القانوني اي الثامنة عشر ربيع حينذاك، واحتفالا بهذا الحدث وقعت في علاقة اثمة مع شاب هولندي في دار اهلها وكان والداها امام لاحد مساجد الجالية المسلمة ب مدينة لاهاي الهولندية المجاور لمحطة القطار المسماة بمحطة هولاندسبور. طبعا الفتاة المسلمة العربية الاصول احدثت انقلاب على أعراف بيت اهلها وابناء جاليتها، ومن قوة الصدمة دخلت في عراك مع والديها انتهت بإيداع والدها السجن لانتهاكه لحرية ابنته وايداع الام الى المستشفى اثر جلطة قلبية وذهاب البنت في حضن عشيقها المتيمة به يومذاك!

لم اقف على تبعات القصة ولكن وردني بعد حين من الزمن ان عشيق الفتاة هجرها وتعلق باخرى واضحت الفتاة في وضع لا تحسد عليه وقيل انها انتسبت لاحد دور المنطقة الحمراء في قلب العاصمة التجارية لهولندا.

في مشهد آخر، تذاكرت مع احد الزملاء احوال زميل عمل سابق تقلبت احواله من مغضوبا عليه الى مقرب من شلة رئيس احد الاقسام في احد الشركات. وكان سبب تغيير المعاملة له لا يعدو اكثر من تغيير ذاك الشخص لقيمه وأخلاقياته فاصبح بعد ذاك الى شخص مُقرب من شلة رئيس القسم. فتمعنت في المشهد بشكل اكبر، فتبين لي مما ورد على مسامعي بان ذاك الموظف المتقلب في نعمة رئيسه قد أوقع كيديا مع امرأة سوء بمنافس شريف لذاك الرئيس. وملخص القصة ان امرأة تعيش هوس العمليات التحسينية لجسدها تتردد على دكتور بارع ومخلص ومنجز ومحط انظار وإعجاب لزملائه الحاسدين والمحبين. فما كان من رئيس القسم ذاك الا انه خطط ويتآمر للايقاع ب الطبيب المخلص والمتفوق بالاستعانه بموظفه المنقلب وتلك السيدة المراجعة واتهام الدكتور المخلص في أخلاقياته.

انتهى الامر بفقد الدكتور لعمله وتشويه سمعته وهاجر الدكتور الى مكان ما في الارض وبصعود نجم الموظف المنقلب وبتسيج موقع رئيس القسم من المنافسة وبمكافئة المرأة المتواطئة بمنصب في مكان ما في قطاع عملها.

وهنا اشفقت على حال من يبيع اخرته من اجل دنيا غيره.

الا ان الادهى والامر ومع زيادة التجارب البشرية يكشف الانسان امور اكثر واكثر عن صور الانقلابات السلوكية ونكران الجميل وجحود القيم الاخلاقية.

حتى ان اصحاب التجارب ينقلون قصص تطابق القول المكرر: اناس باعوا دنياهم واخرتهم من اجل دنيا غيرهم!!

ولنا في مصاديق هذا الكلام الكثير من القصص الملموسة ونسأل الله للجميع حسن الدراية والتحصين وسعة الافق واستخلاص الدروس وتجاوز المضايقات وسعة الصدر وطول الحلم والأناة.