آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

الاصلاح.. المصالح

محمد أحمد التاروتي *

يستخدم البعض شعار الاصلاح، لتمرير المصالح الشخصية، فالشعارات البراقة تسلب الالباب، وتفتح الأبواب المغلقة، خصوصا وان المفردات التي تتضمن الاصلاح، تستقطب العديد من العناصر، مما يمهد الطريق للاستحواذ على بعض الشارع، او جزء من البيئة الاجتماعية، بحيث يسطع نجم حملة الشعارات الإصلاحية، في غضون فترة وجيزة للغاية.

الاختيار المناسب لإطلاق الشعارات الإصلاحية، تكشف مستوى الانتهازية التي يمتلكها حملة الشعارات المصلحية، حيث يتحرك هؤلاء وفقا للتجاذبات الداخلية، او الصراعات الخارجية، حيث يبدأ في ترويج الشعارات التي تدغدغ المشاعر وتلهب الحماس، وتحتوي على جملة من المبادئ الانسانية، والقيم الاخلاقية، باعتبارها طوق النجاة للمجتمع، للتخلص المعاناة الناجمة، عن الخلافات الحادة القائمة حاليا، مما يستدعي تبني المشروع الاصلاحي الشامل، لمعالجة الأوضاع الصعبة في المرحلة الحالية، بمعنى اخر، فان الانتهازي ”يعرف من أين تؤكل الكتف“، مما يمكنه من الحصول على التأييد الشعبي، والتفويض شبه الكامل، بحيث يجد نفسه يجعله مطلق اليدين، للتحرك بحرية دون رقابة، او خوف من المحاسبة، وبالتالي الحصول على المكاسب الكثيرة، على حساب اصحاب المشاريع الإصلاحية الحقيقية.

القدرة على توظيف المشاريع الإصلاحية، لخدمة المصالح الخاصة، تشكل احدى المواهب الاستثنائية، التي يفتقدها الكثير من الناس، حيث يعمد الانتهازيون لتغليف المفردات الإصلاحية، بمفاهيم تقود الى تضخيم الجيوب، او توسيع النفوذ الاجتماعي، بمعنى اخر، فان عملية تكريس الاصلاح لتحقيق الاهداف الشخصية، بحاجة الى قدرة فائقة على الخداع، لمواصلة كسب المزيد من العناصر، وبالتالي التوسع العمودي والأفقي، في المجتمع على حساب الاخرين.

يعتمد الانتهازيون على مبدأ ”الغاية تبرر الوسيلة“، حيث يبدأ هؤلاء مرحلة التقرب من الاخرين، عبر تقديم بعض المصداقية، من اجل اكتساب الشرعية، والحصول على الثقة الكاملة، حيث تمثل المرحلة الاولى من العمل ضرورة لاختراق المجتمع، خصوصا وان الشعارات الإصلاحية، تتطلب الكثير من الجهد، والعمل الجاد، بغرض استقطاب المزيد من العناصر، بيد ان المرحلة الثانية تمثل فترة الحصاد، وتوظيف تعب الفترة السابقة، في تضخيم الجيوب على حساب الاخرين، وبمعنى اخر، فان الطعم الذي يقدم في المرحلة الاولى، سرعان ما يتحول الى معاناة حقيقية، حيث يتحول الاصلاح الى مصالح ذاتية، بغض النظر عن الهموم الاجتماعية الحقيقية.

يحرص اصحاب الشعارات الزائفة، على إحاطة أنفسهم بهالة من القداسة، للحيلولة دون اكتشاف الكذب والخداع، حيث تبدأ الماكنة الإعلامية بنسج قصص، وإنجازات عظيمة، لاسيما وان استمرار القداسة بمثابة الوقود، في الحصول على المزيد من المكاسب، والبقاء في القمة لأطول فترة ممكنة، خصوصا وان افتضاح الامر يشكل خطورة كبرى، مما يؤدي لافتقاد النفوذ الكبير، في الوسط الاجتماعي، بمعنى اخر، فان اصحاب الشعارات الإصلاحية، يحاربون جميع الأصوات الداعية لاعتماد الشفافية، والوضوح باعتبارها من المحرمات، وخروجا واضحا عن الجماعة، مما يستدعي الوقوف بحزم في البداية، قبل اتساع الدائرة مع الزمن، بحيث تقلص من النفوذ الاجتماعي، وتقلل من المكاسب الشخصية.

ايقاف اصحاب المشاريع الإصلاحية الزائفة، يتطلب امتلاك الوعي الكامل، وقدرة على اكتشاف الاهداف الحقيقية، فضلا عن مساندة اصحاب المشاريع المبدئية، خصوصا وان التخلي عن الشخصيات الصادقة، يفتح الأبواب امام الشخصيات الانتهازية، لسد الفراغ الحاصل، الامر الذي يستدعي احتساب الخطوات بدقة، تفاديا للوقوع في المحظورة.

كاتب صحفي