آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

السلوك.. التربية

محمد أحمد التاروتي *

تظهر التربية الصالحة على مجمل السلوك اليومي للإنسان، سواء الصعيد الاسري او الاجتماعي، حيث تترجم مجموعة القيم المكتسبة على طريقة التعاطي مع الاخر، فالتربية الصالحة تثمر في تربية نشء، يمتلك القدرة على امتصاص السلوكيات السيئة، وتحويلها الى ممارسات حسنة، الامر الذي يؤسس لنشر الفضيلة في المجتمع، فالمرء الصالح بامكانه نشر الخير في البيئة الاجتماعية، مما يساعد على انتشال البيئة الفاسدة من المجتمع.

السلوك بمثابة جواز المرور للاخرين، فالمرء الذي تكون سلوكياته انعكاسا لمجموعة الاخلاق الفاضلة، يجد المحبة والترحيب من الاخر، بحيث يتحول الى قدوة صالحة يحتذى بها، بخلاف صاحب السلوك السيء الذي لا يجد الاحتضان، او الترحاب من الجميع، نظرا لما يمثله من أضرار كبيرة على المجتمع، من خلال إشاعة الرذيلة، وتكريس السلوك الاجرامي، الامر الذي يفسر الاختلاف في التعاطي مع هذه النوعية من المجتمع، فالانسان يأنس بالجلوس مع صاحب الخلق الفاضلة، ويأنف التقرب من صاحب السلوك الشائن.

التربية الصالحة، تشكل احد العناصر الاساسية، في تشكيلة السلوك للمرء، فالانسان الذي يجد منذ نعومة اظافرة الاسرة الصالحة، يتحول الى شخص صالح، بحيث تتحول جميع سلوكياته الى مدرسة للاخرين، نظرا لوجود مجموعة قيم، تمثل تضيء طريقة حياته، مع الاخرين، مما يجعله غير قادر على ارتكاب الاخطاء، او ممارسة الظلم على الاخرين، فهو يتحرك وفقا لقواعد واضحة في الحياة، بمعنى اخر، فان السلوك لا يقتصر على الإطار الاجتماعي، وإنما يشمل الممارسات على الصعيد الشخصي، فالسلوك على الصعيد الشخصي، لا يختلف تماما عن المعاملات الخارجية، نتيجة التمسك بالقيم الاخلاقية التي تشكل رادعا، في الأقدام على ممارسة القهر، او غيرها من الممارسات غير المستقيمة.

البيئة الاجتماعية بدورها، تخلق الظروف المناسبة، لتقويم السلوك لدى الفرد، فالانسان الذي يتربى وسط مجتمع يتحلى بالقيم الاخلاقية، فانه يكتسب جزء كبيرا من تلك القيم، بحيث تتحول الى سلوكيات يومية، في التعاطي مع الاخرين، خصوصا وان المجتمع الصالح يسهم في تقويم السلوكيات الشاذة، كما ان المجتمعات الفاسدة تساعد في نشر الرذيلة لدى الفرد، الامر الذي يفسر الحرص على نشر الفضيلة في المجتمع، وعدم التغاضي عن الممارسات، التي تهدف الى تخريب البيئة الاجتماعية.

المرء بامكانه التغلب على الظروف الاسرية السيئة، وكذلك مقاومة الاخلاقيات الفاسدة في المجتمع، خصوصا وان الارادة تمثل السلاح الأكثر قدرة، على قهر الظروف المادية، والمعنوية القاهرة، الامر الذي يجعله قادرا على رفض المحيط الاجتماعي الفاسدة، والتمسك بالقيم الاخلاقية الفاضلة، فالانسان يمتلك القرار في الاختيار، والتغلب على الإغراءات على اختلافها، ”وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ“، بمعنى اخر، فان المبررات التي يسوقها البعض للانخراط في طريق السلوك الشاذ، ليست مقنعة على الاطلاق، نظرا لامتلاك المرء القدرة على الرفض، وعدم الاستسلام للواقع.

كاتب صحفي