نمي عقلك
رَوى الْحَسَنُ بْنِ الْجَهْمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الرِّضَا 
يَقُولُ: ”صَدِيقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَ عَدُوُّهُ جَهْلُهُ“ [1]
العقل هو النعمة الكبرى، وبه يتميز الإنسان عن سائر المخلوقات، وبه يدرك الخير من الشر، وهو أساس الأعمال، وهو مصدر سعادة الإنسان أو شقاوته، وهو ”زينة الرجل عقله“ [2] كما ورد عن الإمام علي .
وقد ورد عن الإمام الصادق : ”دعامة الإنسان العقل“ [3] ، فهو عنصر أساس في نجاح شخصية الإنسان، إلا أن البعض لا يستثمره الاستثمار الأمثل، ولا يسعى لتنميته، ولذا تجد البعض قد تجاوز الستين من عمره إلا أن عقله لم يبلغ سن الرشد!!
لذا حريٌ بالإنسان أن يعي دور عقله، وأن يسعى لتنميته من خلال:
يمارس الإنسان العديد من العادات والممارسات الضارة التي تقتل خلايا الدماغ وتعزز من الركود العقلي، ولذلك على الفرد أن يبدأ تجنب القيام بالعادات السيئة، وأي عمل من شأنه إلحاق الضرر بالقدرات العقلية.
وتعتبر الذنوب واتباع الهوى والشهوات إحدى العوامل التي تساهم في قتل القدرات العقلية، ورد عن الإمام علي أنه قال: ”غلبة الهوى تفسد الدين والعقل“ [4] وقال : ”حرام على كل عقل مغلول بالشهوة أن ينتفع بالحكمة“ [5] .
لذا اتبع الذنب بالاستغفار والتوبة فهما علاج وترميم لما أفسدته الذنوب من عقلك وروح.
قال الإمام علي : ”إن لكل شيء دليلا، ودليل العقل التفكر“ [6] مارس عملية التفكير بشكل مستمر، اجعل تفكيرك منطلقاً، إبداعياً لا تقليدياً، فكر بكل ما هو جديد وإيجابي وبناء، لا تفكر في سفاسف الأمور وتجعلها تأخذ من وقتك وتفكيرك.
انطلق بتفكيرك في رحاب الكون إلى أعماق ذاتك، يقول تعالى ”سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ“ فصلت /53
يمكنك تعلم العديد من المهارات ليكون تفكيرك حيوياً نشيطاً منها:
· فن الإنصات والاصغاء: ”كن مستمعاً واعياً“
· القيام بتمرين الدماغ على قوة الحفظ، وذلك بتعريضه لتحدّيات معيّنة كاستخدام آلة جديدة أو تعلّم مهارة جديدة، وممارسة بعض الألعاب التي تحتاج إلى تفكير.
· ممارسة برامج العصف الذهني ذاتياً.
لكي ينمو عقلك عليك أن تهتم بتغذيته من خلال:
· «حمية العقل»: اختر طعاماً صحياً مناسباً يساهم في تحفيز عقلك ويشحذ ذاكرتك ويبقي عقلك شاباً، تناول الأسماك، والفاكهة والخضار، والماء، وابتعد عن الأغذية الغنية بالكافيين والتدخين، ومارس الرياضة بشكل مستمر.
· زيادة الطاقة العقلية، وتغذيته بالمعلومات الجديدة عن طريق القراءة، أو مشاهدة البرامج التعليمية أو حضور الدورات المختلفة.
كل تجربة تمر بها تعلمك درساً، وتضيف لك خبرة، و”العاقل من وعظته التجارب“ [7] كما ورد عن الإمام علي .
· لذا كن يقظاً لتجارب الحياة، وتعلم منها ما يزيد في عقلك.
· استفذ من تجارب الآخرين: المفكرين، المخترعين، اقرأ عن تجاربهم، استفذ من ايجابياتها وتلافى الأخطاء التي وقعوا فيها.
· دون تجاربك الشخصية مها كان نوعها، فهي درس لك ستحتاج إليه يوماً ما.
الذين يزيدون في عقلك، بكلماتهم، بسيرتهم، تجدهم شعلة من الفكر المتقد، يشجعونك لكي تمارس وتستخرج تلك الكنوز المعرفية، تجدهم يدفعونك لمواصلة البحث والفكر، والدراسة، ولأنهم يمتلكون عقلاً قويا فهم يبعثون فيك الأمل والتفاؤل، لذلك عليك بمصاحبتهم، والتقرب إليهم.
يقول الإمام علي :
”عَلَيْكَ بِمُقَارَنَةِ ذِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ فَإِنَّهُ خَيْرُ الْأَصْحَابِ“ [8]
”أَكْثَرُ الصَّلَاحِ وَالصَّوَابِ فِي صُحْبَةِ أُولِي النُّهَى وَالْأَلْبَابِ“ [9]
أخيراً تذكر أن عقلك ثروة وهو أغلى ما تملك، فأعمل على تنمية ثروتك، اقرأ، اكتب، اعمل، تفاعل بإيجابية مع الحياة ومع نفسك.
