آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

التحشيد.. التعقل

محمد أحمد التاروتي *

يستخدم البعض سلاح التحشيد، للقضاء على الخصوم، من خلال الاعتماد على الوسط الاجتماعي، في تحقيق المآرب المرسومة، فهو يتعامل بعدة وجوه في التعاطي مع الخصوم، حيث يظهر الجانب المسالم والداعي للتعاون، وتغليب المصلحة العامة، وترك الخلافات جانبا، ضمن الحدود الضيقة، من جانب، ومن جانب اخر، يمارس دورا تخريبيا في الخفاء، عبر استخدام الاخرين في الوقوف، امام مختلف محاولات تقريب وجهات النظر.

سلاح التحشيد يمثل احد الأدوات، في توجيه الضربة القاصمة للخصم، خصوصا وان الاحتكام للمنطق يفقده القدرة على الصمود، ومواجهة الخصم، مما يدفعه لاستخدام التحشيد، للتخلص من المأزق الذي يعيشه، لاسيما وان امتلاك الخصم القدرة، على الفوز في المنافسة العلنية والشريفة، لا يصب في صالح صاحب المنطق الضعيف، الامر الذي يدفعه لاعتماد التحشيد، في الحصول على التأييد والمناصرة، في المعركة القائمة مع الخصوم.

عملية التحشيد تتطلب قدرة فائقة، في التلاعب بالحقائق، ومحاولة استخدام بعض المعلومات، بطريقة ذكية، فالمعركة تتطلب اخفاء الكثير من الحقائق، عن الشرائح الاجتماعية، والعمل قدر المستطاع لافشال جميع المساعي، للوصول الى الحقيقية، اذ تمارس الماكنة الإعلامية دورا كبيرا، في تشوية صورة الاخر في البيئة الاجتماعية، مما يجعله هدفا رئيسيا من المجتمع، وبالتالي التحرك السريع لإزاحته من الساحة، بالاضافة للتأثير على الانصار للتخلي عنه، بهدف إجباره على الاستسلام، والإقرار بالهزيمة.

لعبة التحشيد تجد طريقها للنجاح، مع غياب الوعي الاجتماعي، بالاضافة للافتقار لميزان التعامل المتوازن، مع الاختلافات الفكرية، فالمجتمع الواعي قادر على استيعاب الاختلافات، ضمن الإطار المتعارف عليه، مما يسهم في افشال الخطط المرسومة، لإجباره على اتخاذ مسار محدد، بمعنى اخر، فان وجود القدرة على القراءة الدقيقة، لبعض المشاريع التخريبية، يمنع الوقوع في المحظور، خصوصا وان التعامل بمسافة واحدة مع الفرقاء، يقود لوضع اصحاب التحشيد في مأزق شديد، وبالتالي، فان التحشيد مرهون بوجود بيئة اجتماعية فاقدة للوعي، والافتقار للقدرة على التعرف، على الاهداف الحقيقية، وراء محاولا التشويه، التي تطال بعض الاطراف دون غيرها.

التعقل في التعاطي مع حملات التشويه، بمثابة الخطوة الاساسية للسيطرة على التحشيد، لاسيما وان عملية التعبئة الاجتماعية، باتجاه هدف محدد تستدعي الاستفادة من اصحاب الخبرة، في التأثير على الرأي العام الداخلي، وبالتالي فان محاولة التريث قبل اتخاذ المواقف، عنصر أساسي في الوقوف في منطقة الحياد، وعدم الانخراط في مشاريع، تصب في مصلح الغير، بمعنى اخر، فان امتلاك القدرة على الاختيار الصائب، يحبط المخططات التخريبية، التي يحاول البعض اقحام المجتمع فيها، مما يعرقل الاستراتيجية المرسومة، والمتمثّلة في تحقيق الانتصار بواسطة أطراف غير مباشرة، خصوصا وان الثقل الاجتماعي يصعب مواجهته احيانا كبيرة، فالطرف الذي يشعر بانحسار القاعدة الشعبية، يركن الى الانزواء والاختفاء عن الساحة، نظرا لفقدانه اهم عوامل الاستمرار في العمل، وهو التأييد الشعبي.

كاتب صحفي