آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

قاعدة «التسامح في ادلة السنن» وقاعدة «سد الذرائع» الفقهيتان، عالجا ام فاقما الواقع المتخلف لابناء الامة؟!

المهندس أمير الصالح *

تنصل: من المهم ان اضع اقرار التنصل في صدر المقال لتفادي اي فهم خاطئ او سوء توظيف لهذا المقال من قبل اي طرف ضد اي اطراف اخرى لحساسية الموضوع لدى البعض ولأحافظ على مسافة واحدة من جميع الاطراف داخل المجتمع والوطن. الخشية تجير بعض الجهات او القراء او تحاول بعض الاطراف ان تُحمل المقال اكبر مما يتسع له. والمقال هو محاولة صادقة في الوفاء لدين الاسلام المحمدي الطاهر والتدارس الصادق مع اهل الفكر والإسهام الايجابي في حراك النقاش العلمي الهادف والنبيل لابناء كل المدارس الاسلامية والترفع عن التقاذف او الاتهامات او الاسفاف.

مقدمة:

اُدرج هذا المقال ضمن سلسلة «وعي مستمر في استثمار اوقات شهر رمضان للاستفادة والافادة» والهادفة لـ كتابة مجموعة مقالات في شهر رمضان من كل عام تخدم المجتمع وتغرس المفاهيم الصادقة والشفافة والقراءة الفطنة تفاديا لاي تشنج او تفتت او تعصب او تمزق او تكلس في بناء ابناء الامة الفكري.

وايمانا بالدراسة الواقعية لبعض المظاهر والطقوس والشعائر الممارسة لتحقق من منصوصيتها والسلوكيات المنسوبة اجتماعيا للدين الاسلامي والتي تزعزع ثقة الجيل الصاعد بعقائده community Faith او تجعله في محل الدفاع عن تلكم الممارسات التي قد يكون طيف من الناس او جزء كبير هو غير مقتنع بها ك جزء من الدين السماوي الحنيف لاسباب متعددة. كما ان تشرذم الآراء بين ابناء الجيل الصاعد والجيل السابق ادى وسيؤدي الى تعدد الانشقاقات في البناء الاجتماعي الواحد عموديا وافقيا اذا لم توجد ارض حوار علمي مشتركة وخصبة؛ لذا ارتأيت ان اُساهم بالرأي من باب التفكير النقدي critical thinking ومحاولة رأب الصدع من خلال الطرح الناهض بما اطلعت عليه من ادلة والتخفيف من الاحتقان ولو ببعض الكلمات والحث على اعادة البوصلة نحو القيم السماوية العملاقة والمهمة والهامة للجميع ك الكرامة والانسانية والرحمة والتآلف والتزكية واقرار الحقوق.

نص المقال:

لعل الكثير من المفكرين والكتاب سطروا المجلدات وألفوا الكتب المُعربة عن بعض الآراء والأطروحات والرؤى للخروج من عنق الزجاجة من الازمات التي تعصف بالأمة في عدد كبير من الامور التي تهم شؤون الأمة الأسلامية او العرببة.

وقد ظلت الكثير من النقاشات والأطروحات حبيسة الندوات او المؤتمرات او الكتب وفي احسن الاحوال قد تحظى بعض المواضيع ب حلقة نقاش تلفزيونية او تُقدم بعض الامور كورقة عمل في مؤتمر نخبوي من دون تفعيل اي حلول او خدمة لأجندات زمكانية معينة.

ولعل الأحباط تزايد وتسلل للكثير من الانفس الشابة المندفعة والطامحة نتيجة لـ تكرار الانتكاسات المحبطة والواقع المتهالك والتشتت بين مدعي الاصلاح وانعدام النماذج الرائدة. قد يعول البعض من ابناء الامه ذلك الفشل الى اسباب عدة منها الجهد المتراكم المنسوب جزء منه الى الشيطان او الشياطين المخذلين والمتربصين للعدل والحق من خلال الاعلام المضلل والاعمال البراقة والشهوات الغرائزية الصادعة او كما يقال في دائرة الخطايا السبع. ويستدلون البعض ممن يوجهون أسهمهم للشياطين ك مصاديق لقولهم بالاستدلال من القرآن الكريم بنسب القول «لاظلنهم» وقال «لامرنهم فليغيرن خلق الله.» وقال «لامنينهم» كما ورد على لسان الشيطان الغوي الرجيم ويكتفون بذلك كمبرر للواقع الاليم. نعم القرآن نطق بذلك ولكن قال القران الكريم ايضا «فاتخذوه عدوا»؛ ولنشاطر بعضنا بعضا التجارب في كشف كل نقاط الضعف ونعالجها لا ان نرمي اللوم على الشيطان ونبري انفس البشر في ضياع العباد والبلاد. حتما من اهم اهداف الشيطان او الشياطين من الجن والانس بكل أصنافهم هو تغيير المفاهيم او تجفيف المعاني من مضمونها او خلق الممارسات الجوفاء في عقول اتباع الحق المنير وبذلك يستمر التظليل لمدة طويلة او اطول وقت ممكن وخلق صراعات بين بني البشر بين متبني لهكذا مفاهيم وبين مطالب باعادة الحياة للايدلوجيات الدينية والفكرية في كامل الممارسات الحياتية السلوكية لجادة الطريق والكرامة الانسانية.

في هذه العجالة سأتعرض لمفهومين فقهييْن من مدرستين اسلاميتين عريقتين نكن لكلا منهما كامل التبجيل. مفهوم ”التسامح مع ادلة السنن“ وما قد ترتب عليه سلوكيا في الوضع الراهن لبعض ابناء الامة الاسلامية والنظرة الاعلامية السيئة لمن هم من المدارس الاخرى اسلاميا او من خارج الاسلام لهكذا اشتقاقات ناتجة عن قاعدة التسامح مع ادلة السنن في التعاملات العبادية وما يترتب عليه من سوء توظيف العواطف الدينية في صور متعددة.

في المقابل نضع بين يدي القارئ رأي من تبنوا قاعدة فقهية آخرى بعنوان ”سد الذرائع“ بهدف رد كل ماهو محتمل الاضرار ب مفاهيم او صورة الاسلام حسب رؤية المفتى هذا او ذاك وضغوط بيئة المفتى حسب الزمان والمكان لتكتيف العقل او الامور الدنيوية. والتي انتهت في بعض الازمنة الى التشدد في المعاملة والجفاء في المشاعر والغاء الاخر وزيادة معدل التعصب المذهبي ولاستعراض الفكرة بشكل اتم ننقل من واقع عشناه القصة التالية:

في البداية كان هناك نقاش عن بعض الطقوس والممارسات من بعض ابناء المدارس الاسلامية وكان باب التسامح في ادلة السنن هو الباب الذي استند عليه البعض لشروع في اعمالهم وفي المقابل اتخذ الطرف الاخر من المتشرعين قاعدة سد باب الذرائع؛ ودار حديث طويل من خلال جلسة مثاقفة في مقهى...... «نحجب اسمه» وملخص النقاش الفكري في تلك الجلسة ننقله لكم كما حدث مع بعض التصرف في الصياغة دون الفكرة وهو على شكل حوار:

احمد: للأسف لا يزال منذ القرون الوسطى والى القرون المتأخرة تدخل على بعض المدارس الاسلامية اضافات طقوسية وحتى تطورات اعتقادية تعتبر كثوابت عند البعض فيما بعد من الزمان وتقادم الاجيال.

حسن: ايمانا منا بضرورة الانفتاح على النقاش الحر لاثراء الفكر الهادف والا نقع فيما حذر منه الفيلسوف نيتشة الألماني بان يصبح الناقد جلادا.

نحن جميعا نعرف بان الاصل في كل شي الحلية اي انه حلال حتى يرد نص في تحريم ذلك الفعل او العمل، ثم ان الطقوس تضل طقوس ليس الا وقد يتخذها البعض في فترة من فترات الزمان كأسلوب للحفاظ على هوية ذاك المجتمع او لسد باب الاختراق له او للإمعان في التمييز من المحيط المجاور المفترس له او المهمش له. ولكل دين ومجتمع وحتى لعبة رياضية طقوس وممارسات تحمل مضامين رمزية يعقلنها او يمنطقها ابناء تلكم المدارس او المجتمعات لدلالات الرمزية.

احمد: عزيزي حسن؛ الدين ليس لعبة في ايدي الناس؛ الدين اتى لضبط سلوكيات الناس وحفظ الكرامة واحقاق الحقوق وحفظ الفروج والاموال والدماء وإفشاء العدل وليس لـ خلق او تكرار خلق الطقوس الشكلية المضافة من قبل إفتاء هذا او ذاك بالجواز او الحلية او الاستحباب بعناوين مختلفة.

حسن: صحيح كلامك استاذ أحمد ولكن كما ترى الامثلة تضرب ولا تقاس وانا احاول اقرب الصورة الذهنية لك. واوؤيدك بان الدين ليس لعبة في ايدي اي شخص مهما بلغ من النفوذ او السلطة او المكانة. ولكن كما ترى في الواقع، الكل له نسخته من الدين والكل يدعي بان تفسيره هو المطابق لروح الدين الحق. ثم انك اذا سعة صدرك تتسع للنقاش بكل أطرافه فاني استرسل او لنكتفي بما قيل.

راشد: بالعكس ما جلسنا هنا الا للاستفادة؛ تفضل تفضل.

هنا قال جميع الحضور: تفضل استرسل.

حسن: لازم اسمع رد احمد.

احمد: على الرحب والسعة، تفضل.

حسن: كمقدمة سأناقش عدة نقاط والنقطة الاولى هي سرد مقارن لـ المنهج الأخباري لدى الشيعة الاثنا عشرية وآثاره على الواقع لابناء طائفتهم. ثم أعرج لاحقا على التطورات التي طرأت على المدرسة الجعفرية الاثنا عشرية واردف الكلام بالكلام على مدرسة اهل الحديث وبعض مدارس الفقه الاسلامية الاخرى ذات العلاقة. فاذا وقتكم يسمح وصدوركم تتسع وتعطوني الامان من عدم التعصب او ابداء اي ردود افعال تنم على عدم القبول لاي رأي لا تقرونه بالذات اني لا اعرف كل الحضور. واخشى الإفراط في الخصومة.

حسن: أواصل شباب!!

الجميع رد قائلا: تفضل.

حسن: على سبيل المثال، في المدرسة الاسلامية الشيعية لا سيما مدرسة مايعرف اصطلاحا عليه المدرسة الجعفرية كان المنهج الأخباري هو السائد في فترة زمنية ماضية وهو منهج يعتمد الأخبار ”الروايات“ في استنباط الأحكام الشرعية، إذ يعتقد علماء تلكم الحقبة وروادها بعدم إمكانية فهم القرآن الكريم من قبل عامة الناس وعليه لابد من الرجوع لروايات المروية عن أئمة اهل البيت «علي ابن ابي طالب وَذُرِّيَّتِهِ المنصوص عليهم»، فهم محل الثقة. وبالمحصلة تكون هذه المدرسة مشابهة لفكرة مدرسة اهل الحديث في المدرسة الاسلامية السنية بالاحتكام للأحاديث المروية مع فارق الامتداد طولا او قصرا في الاكتفاء بمصدر الحديث واعتماد سلسلة الرواة الثقاة.

ومن المعروف ان هذا المنهج اي الاخباري عند المسلمين الشيعة والى حد كبير اهل الحديث عند اهل السنة يتبنى كلا منهما عدم حجية العقل فيما ورد فيه نص. ومن المعلوم بان بعض المدارس الاسلامية تعرف الاسلام هو التسليم والاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص له من الشرك. ولك ان تقول هناك من يسأل من المسلمين هل هذا الاستسلام يعني الغاء حق المساءلة والعقل؛ وهناك من يسأل من يحق له ان يتكلم باسم الله في الارض بعد انقطاع الوحي وماهي شرعيته ومن اين انتزعها؟!. وهناك من يتساءل بان الجمود على مفهوم اهل زمان يعني الغاء اي حراك لمواكبة منتجات الزمان الحالي؟!

من هذين المنطلقين لم يجد هذا المنهج وذاك سوى القول بصحة كل الأخبار الواردة عن الأئمة ع في الاخبار منهجا او الاحاديث المروية في اهل الحديث منهجا بكل ما فيها من محتوى.

ولذا نُقل ان رواد تلك المدارس يُطلقون الحكم بصحة كل ما ورد في الكتب الأربعة كما نُقل عن الشيخ يوسف البحراني «1186» في كتابه الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة في اهل الاخبار وفي مدرسة اهل الحديث يطلقون الحكم بصحة كل الاحاديث المنقولة في كتب الصحاح. هذا ما استطعنا فهمه من خلال الاطلاع والمطالعة.

ساقف عن الاسترسال في الحديث عن مدرسة اهل الحديث وسأتكلم في نقاش مدرسة الإخباريين في هذا النقاش.

اورد المنتقدين للمدرسة الاخبارية نقدهم والقول بان الحكم الذي اطلقه الشيخ البحراني لا يصمد إذ لا يُعقل أن تنقل روايات على مدى قرنين من الزمان دون أن يحدث فيها تبديل وتحريف وإضافة ونقص!!. فضلا عن انه اي الشيخ اسقط العوامل النفسية من الكذب في الحديث نتيجة الحب والغلو، والتزوير والاخفاء نتيجة الكرهة. على صعيد اخر الامة الاسلامية مرت بأطوار في الحكم نتج عنها احتمالية عالية من التزوير المتعمد والتحريف والنقل المشوه نتيجة الفهم والنقل الناقص او المبتور.

استدراكا من هذه العيوب وغيرها، حاول المنهج الأصولي الجعفري الاثنا عشري تقديم نفسه كبديل أكثر عقلانية من الاخباري. في مطلع القرن الثاني عشر هجريا، تصدر الشيخ الأنصاري ك رائد الاصولية وتم اعتماد ”علم أصول الفقه“ لاستنباط الأحكام الشرعية بتوظيف آليات العقل الحكيم الى جانب النص القرآني ك أساسان في استنطاق الاحكام الشرعية والفقهية. مع تقادم السنين طغى لون الاصولية في كامل اركان البيت الشيعي الجعفري على الطيف الاخباري المنحسر وحاليا أغلب الشيعة هم أصوليون التوجه فكريا.

من الجيد ان انوه بان حدود الخلاف بين منهج اهل الأخبار واهل الأصول الفقهي لا يتعدى حكمين هما الواجب والحرام من أحكام الفقه الخمسة كما ذكر بعض المحققين.

طبعا كلا الطريقتان متفقتان على الأخذ بالأخبار الواردة في الكتب الأربعة؛ ففي المنهج الاخباري يكون مبنى الاخذ هو التعبد بالنص وفي المنهج الاصولي يكون الاخد بما لم يرد فيه نص قاطع هو التعامل معه من ”باب التسامح بالسنن“.

وهنا اي قاعدة التسامح بالسنن اود ان اسلط الضوء عليها بشكل شبه كامل.

حسن يسترسل ويقول:

في السبعين سنة الماضية تقريبا، افرز الواقع السياسي المتقلب في مناطق الشرق الاوسط الكثير من النقاشات والجدال والكتابات والانشطة رصدا لـ الممارسات والطقوس داخل اتباع المدرسة الاصولية الجعفرية الاثنا عشرية لاسيما مع بروز الشيعة ك قوة صاعدة في ميزان الصراع بالمنطقة. فكانت اساليب التعابير الدينية المختلفة لدى بعض الشيعة في محطات زمانية موسمية منها ك زيارة الاربعين ويوم عاشوراء وذكرى استشهاد الامام علي وبث تلكم الطقوس والسلوكيات المصاحبة لتلكم الطقوس للعالم عبر التلفزيون في نقل حي على فضاءيات عالمية وقنوات اليوتيوب.

سخونة الاحداث في منطقة الشرق الاوسط وتواجد القوات الاجنبية في المنطقة وتصاعد تغطية الاعلام المصاحب لذاك الوجود الاجنبي والعربي وبروز عدة حركات ذات انتماءات مذهبية مختلفة سواء المستهدفة للشيعة حيث دمويتها البشعة نحو الشيعة ب قطع رؤوس ابناء الشيعة وتفجيرهم واستهداف مستشفياتهم ومطاعمهم وأعراسهم وماتمهم ومدنهم ومساجدهم، او من بعض جماعات محسوبة على الشيعة تصنيفا وقد أوغلت في طرح طرق تطبير دامية وسلوكيات لم تكن معهودة من قبل ك المشي على الزجاج والزحف على البطون... الخ. وكذلك اصدار بعض الخطباء والرواديد لإشعار تدل على الغلو في ائمة اهل البيت وتصاعد خطاب المزايدة على حب ال البيت داخل البيت الشيعي الواحد.

في البداية انبعثت اصوات خافته في فكر النقد للواقع ومع تقدم السنين وامتداد المعاناة لابناء الشيعة في بعض مناطق المنطقة بسبب تصاعد لغة التصنيف المذهبي في التوظيف والعمل والانشطة التجارية. من جهة اخرى الاحساس بالغبن في بعض مناطق تواجد الشيعة ووجود خطابات التخوين والتكفير من جهات داخل نفس الوطن وعدم اتخاذ بعض المؤسسات الرسمية القائمة في تلكم المناطق الاجراءات الكافية لحل المشاكل والاحتقانات لابناء المدرسة الفكرية الاسلامية الشيعية في بعض بلدان تلكم المنطاطق، تصاعدت اصوات الانتقاد من بعض ابناء المجتمعات الشيعية نحو الاطراف بما فيهم الاطراف الداخلية ك المؤسسة العلمية. هنا انقسمت اصوات ابناء الطائفة الشيعية في دول تصنف اتباع آل البيت بانهم أقلية سكانية بين عدة اصناف:

- منتقد سلبي لكامل الاوضاع حد التصادم

- منتقد ايجابي فاعل لاحداث المعالجة

- منعزل عن كل الاجواء الدينية والوطنية

- منخرط اجتماعي ومحتوي لكل الخطوط الفاعلة في الساحة الاجتماعية في اطار اتباع المدرسة الواحدة دونما اي ارتباط بمشروع ايا من الخطوط الداخلية

- متشنج لافكاره او افكار من يعتقد به حد التطرف او الغلو

- مستذوق يميل مع ما تهواه نفسه دون اعتبار لمحتوى اي نقاش

طبعا من اصدق الامثلة في طول النقاش لمنتسبي الفكر الاسلامي الجعفري الاصولي هو نظريات ومباني نظريات فقهية برزت وأحدثت تصادمات بين كل طرف للطرف الاخر

ثم استرسل حسن بالقول:

قاعدة التسامح في أدلة السنن هي اداة او قاعدة استخدمها العلماء الاصوليون يومذاك لتجاوز الاحكام الفقهية الغير اساسية «الحرام والواجب» من خلال غض النظر عنها. طبعا لمتبني القاعدة نصوص من الاحاديث او الروايات يستندون عليها. والواقع ان بعض رواد الاصول أعطوا مساحة كبيرة في التسامح مع ادلة السنن حتى وظفها البعض ممن يرتقون منبر الوعظ فشملت القصص والاحلام الصادرة من بعض عموم الناس!! وهذا شرع ابواب كبيرة لبعض من الناس بان يقول وينسب قوله وحلمه وتصوره الى الدين وكانه دين حق. حتى اضحى لدينا نسخ متعددة من الدين السلوكي مواز للدين العقدي!! طبعا تسللت من باب التسامح بأدلة السنن بعض الخرافات والادعاءات الباطلة وتم أسطرة بعض الشخصيات وزراعة بعض المكذوبات واطلاق بعض الشطحات، وهذه القراءة هي ما يستنطقه كثير من اهل الفكر الناقد الجادين للاصلاح وليس لـ الافتراس والمناوشات السقيمة. ونحن واياكم نطالب باعادة دراسة ابواب قاعدةالتسامح مع ادلة السنن وضبط تطبيقاتها لمنع التجاوزات او اغلاق باب مدعي العلم ومروجي الخرافة ومستذوقي التنطع بالدين. كذلك نطالب بضبط قاعدة سد باب الذرائع حتى لا نجعل الشباب في حالة تشنج دائم واطلاق احكام تكفير هائج وتشدد منفر في وجه الجميع.

ومن حق كل منصف ان يساءل اهل الفضيلة بالقول:

هل التسامح مع أدلة السنن باب خلفي تتسلل منه بعض التجاوزات في السلوك والاعمال وتنسب تلكم الاعمال الى الدين جهلا او غلوا؟.... وهل اجدى ”باب سد الذرائع“ في حل المعظلة ام فاقم الامر من خلال التشدد والتطرف والتكفير والعبث بدماء المسلمين.... وفي كلا الحالتين ماهي آليات الوصول لشاطئ الامان؟!

النظرة نحو المستقبل:

ليس هناك فكر بشري تام وكامل ومطلق وانما بالمعالجة الصادقة والدائمة والمثابرة الجادة والدقيقة والحازمة لاي خلل يتم رصده ومعالجته وتجاوزه والصعود المستمر نحو الكمال هو مبعث للحياة. الصمت والسكوت والانعزال لم ولن يكون الحل لما نرصد من تجاوزات باسم الدين حتى لو اتخذ عباءة اللبس الديني او تسلل من خلال سوء تطبيق بعض القواعد الفقهية. ومع تصاعد التحديات المحلية والاقليمية والعالمية اعلاميا وامنيا واقتصاديا في عدة شؤون لـ تعدد التغيرات والصور في كل اقليم. نحن واياكم كمراقبين نتقدم بطلب للعلماء الربانيين من كل المدارس الاسلامية، وهذا طلب عام من جميع الباحثين عن النجاة، بدفع وتضافر الجهود لمعالجة تلكم الثغرات او ضبط سوء توظيف تلكم القواعد الفقهية سواء على مستوى المنهج الأصولي او على مستوى اهل الحديث او الفكر الاشاعري او المناهج الفكرية الاخرى وبتقديم حلول مبتكرة أكثر نضجا وضوابط جامعة لخلق واقع ومستقبل افضل من الواقع الحالي في التعايش والاندماج وايقاف الصراعات.