آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 9:00 م

المسابقات.. الابداع

محمد أحمد التاروتي *

تشكل المنافسات في مختلف العلوم، طريقا لبروز كفاءات، وتفجير الطاقات الكامنة، لدى العقول البشرية، خصوصا وان المنافسات تحفز العقول للبحث عن الجديد، بهدف إثبات الذات وإظهار الإبهار والتميز، وكذلك من اجل حصد الجوائز المادية والمعنوية على السواء، الامر الذي ينعكس إيجابيا على التطور البشري، ورفد المسيرة الانسانية، بالادوات اللازمة لقهر المصاعب الحياتية، وتوفير وسائل الراحة، والاستفادة من الإبداعات في المجالات المختلفة.

الدخول في المنافسات على اختلافها، يتطلب امتلاك الأدوات اللازمة للبقاء في مضمار المنافسة، فالانخراط في المسابقات بدون رؤية، او قدرة على تقديم الجديد بمثابة مضيعة للوقت، مما يستدعي الاستعداد الجيد للمشاركة في المسابقات، خصوصا وان المنافسة ستكون حامية وشديدة، وبالتالي فان البحث عن التميز يمثل الورقة الرابحة، في المعركة المستعرة بين العقول، اذ لا يمكن تصور دخول ادمغة غير مبدعة في منافسات، فالمرء الذي يفتقر للقدرة على الابداع، لا يستحق الانخراط في المنافسات، نظرا لعدم وجود المقومات الاساسية، لسطوع نجمه في سماء الابداع، ورفد المسيرة البشرية بالعلوم.

تنظيم المسابقات، تمثل احد الادوات لاكتشاف المكنون، واظهار الكفاءات على اختلافها، فهي تحمل في طياتها استقطاب العقول الخلابة في مجالها، بهدف اظهار اخر الافكار الابداعية، لاسيما وان عملية الوصول الى تلك الادمغة، ليست متاحة على الدوام، سواء نتيجة تبعثر تلك الكفاءات في مساحات جغرافية كبيرة، او جراء تفضيل العقول المبدعة البقاء في الظل، مما يعرقل عملية الاستفادة من عقولها في دعم المسيرة الانسانية، وتطوير العلوم، وبالتالي فان المسابقات تمثل الطريق المختصر، لاحتضان هذه العقول، خصوصا وان هناك كفاءات مدفونة، ولا تمتلك الفرصة للبروز، سواء بسبب ابتعادها عن الاضواء، او بسبب الافتقار للموارد المالية اللازمة، لترجمة الكثير من الابداعات على الارض، مما يستدعي وجود قناة قادرة على تقييم، واحتضان هذه العقول، بما يحقق الهدف المنشود.

المنافسات تعتبر الطريقة الاكثر وصولا للاضواء، وتعريف الاخرين باخر الابداعات البشرية، لاسيما وان الاضواء تكون مسلطة على هذه المنافسة بشكل كبير، مما يحفز الكثير من الكفاءات على الانخراط، والتعريف بالانجازات العلمية، نظر لكون المسابقات مفتوحة امام استقبال الافكار الابداعية، وغير التقليدية، فالهدف من تنظيم مثل هذه المناسبات، ليس عرض الافكار المستهلكة، وانما الوقوف على اخر الابداعات البشرية، في مختلف العلوم، بمعنى اخر، فان العقول والكفاءات الابداعية، تجد في المنافسات فرصة لا تعوض، مما يجعلها حريصة على المشاركة، لعرض الافكار امام وسائل الاعلام، بهدف الحصول على الجهات القادرة على ترجمة تلك الافكار، الى مشاريع تصب في خدمة البشرية، وتسهم في استمرارية التقدم التكنولوجي والتقني، الذي تعيشه الكرة الارضية في الوقت الراهن.

عملية الحصول على الافكار الابداعية، مرتبطة بوجود محفزات، ومراكز قادرة على استيعاب، مثل هذه العقول البشرية، فالبيئة الطاردة لا تشجع على الابداع مطلقا، فيما تحفز البيئات الحاضنة الكفاءات على التفكير، ومحاولة الخروج عن المألوف، بشكل دائم، الامر الذي يفسر مدى الاحتضان الذي تحظى به المشاريع الخلاقة، في الدول الصناعية، وصعوبة تطبيقها في العالم النامي، فالعالم الصناعي يقدر الكفاءات، ويفتح امامها المراكز العلمي والبحثي، للابداع بشكل مستمر، بينما تكون الصورة شبه قاتمة، بالنسبة للكفاءات في العالم النامي.

كاتب صحفي