آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 8:51 ص

سرقوا عقلي

عبد الواحد العلوان

هكذا هو حال العالم الألكتروني اليوم في العام 2018، ناس تسرق مجوهرات وناس تسرق أموال، وناس تسرق عقول وأفكار.

كل بشر لهم تخصص، قرئنا الكثير عن سرقات مالية كانت ضخمة أو بسيطة، وقرئنا الكثير عن سرقات مجوهرات وسرقات أطارات سيارات، وحتى خردة حديد، وقرئنا الكثير عن «سرقات عقول»، ولكن أن يُقابح السارق والمعتدي، بما سرقه لم نسمع ولم نقرأ سابقاً عنها ولعلها تكن الأولى معي.

كما يقولون في الأمثلة الشعبية «تعددت الطرق والسرقة واحدة، والهدف واحد».

سمعنا الكثير عن قضايا السرقات المالية، والسرقات في الممتلكات الخاصة، والممتلكات العامة، وسرقات المجوهرات، وسرقات ما خف وزنه وأرتفعت قيمته.

ولكن في عام 2018 تغيرت أساليب السرقات، وتغيرت مضامين السرقات، حتى أصبحت السرقات لاتقتصر على المجوهرات الثمينة، ولا على الممتلكات العام والخاصة، ولا على الأموال، ولكنها وصلت «لسرقة العقول والأفكار» وسرقة محتويات العقول من ثقافة، وفِكر وأفكار، ومعلومات.

نعم صدق أو لاتصدق، قد تصبح بعض السرقات الفكرية والعلمية، أعلى ثمناً من سرقة المجوهرات، وماخف وزنه وزادت قيمته، فالفكر والعقول هي من تصنع الثروة، فإذا قام شخص ماء، أو جهة ماء، وتمكنت من «سرقة عقلك، أو محتواك الفكري» فهي في اللغة العامة، وفي العموم أسمها سرقة.

والسرقة هي أخذ مايملكه غيرك من البشر كائن من يكون، وأخذ مابحوزته، ووضعه بحوزتك الشخصية، أو بمعيتك، أو بتحريفه، لعدم التعرف عليه من قبل صاحبه الأصل، وأخذه عنوة وخِلسة، وبدون علمه، فالسرقة قد تختلف مسمياتها، ولكن مضمونها واحد أن كانت ورقة، أو كانت قطعة ماس ثمينة، فالسرقة هي سرقة مهما كانت.

المعروف عن عالم الكتابة والفكر والثقافة، هي ملكيات فردية، وملكيات مؤسساتية، وملكيات حكومية، فالملكية تعني بمن يملك الحق ولديه الأذن والقرار، في النشر والكتابة، وهو من قام بالتأليف في عالم الكتابة والنشر والمؤلفات.

فما يُسرق من عالم الكتابة والمؤلفات ليست أموال بل عقول وأفكار «هي الأفكار، والمنشورات، والمقالات والأطروحات العلمية والثقافية، والفِكر، والعقل» فإذا أردت سرقة عقل كاتب أو ناشر، فكل ماعليك هو سرقة مؤلفاته أو مقالاته وأطروحاته الكتابية، لذلك الدول المتحضرة والمتقدمة، عنت كل العناية بهذه الجوانب وأعطتها المساحة الكاملة، وغطتها بالقوانين والأنظمة والتشريعات، التي تحفظ حقوق الآخرين، كُتاب كانو، أو مؤلفين، أو مؤسسات للنشر، أو غيرهم من جهات، وأصدرت عدد من التشريعات، التي تحفظ حق كل منهم.

فالمملكة العربية السعودية ليست بالبعيدة عن هذه الدول بل وتصدرت كُبرى دول العالم العربي وهي الأولى عربياً والواحد والعشرين عالمياً، في سن القوانين والأنظمة والتشريعات التي تتيح للكتاب ممارسة كتابته ومنشوراته، تحت مظلة واسعة تحفظ حقه القانوني في ملكيته الفكرية، وفي مؤشر جذور الأبتكار «حماية الحقوق الملكية الفكرية العالمي 2017» الصادر عن مركز حقوق الملكية الفكرية التابعة لغرقة التجارة الأمريكية.

حقوق الملكية الفكرية وتشمل 6 مجالات، وهي براءة الأختراع، والعلامات التجارية، وحقوق التأليف والنشر، والأسرار التجارية، والوصول إلى الأسواق، والتصديق على المعاهدات الدولية.

ماكان يشغل بال الكُتاب والمؤلفين في السابق، من عدم وجود مايوثق مكنوناته الفكرية، ومايوثق مجهوداته في التأليف والنشر، أصبح القانون والنظام والتشريع الدولي والمحلي، يقف ويبارك له، بوجود وزارة الثقافة والأعلام، تحمي الملكيات الفكرية والثقافية في المملكة العربية السعودية.

وجود بعض الصحف الألكترونية التي تقتات على حقوق وملكيات بعض الكُتاب، هي سرقات علمية وسرقات فكرية، وأنتهاكات لحقوق، لاتختلف عن سرقات المال والمجوهرات والثمائن مازاد قيمتها، ووجود بعض الأقلام التي لاتمت للصحافة والأعلام ب صلة، هي عار على هذه الصُحف، وعار على عالم الصحافة والنشر والفِكر، نحن في عام 2018 أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة، على حجم هذا العالم، إلا أن التشريعات والقوانين والأنظمة كَفلت لكل ذي حق حقه، فمن حق المُعتدى عليه، وعلى ملكياته الفكرية، أن يرفع دعوى قضائية ضد من ”سرق عقله“ ومكنوناته، ومجهوداته الفكرية، ويتقدم بها للقضاء لأنصافه.

أن تكتب مقالاً صحفياً وتقريراً صحفياً، موثق بالصوت والصورة والتقرير، وتقوم صحيفة وطنية ألكترونية بسرقته ونسبها التقرير لصحيفتها، وحذفها أسم الكاتب، وتدوين أسم رئيس تحريرها عوضاً عن الكاتب الأصل، لم نسمع بها من تعالي في الأعتداء والأنتهاك الفكري الصارخ قبل.

كل مهنة لها أخلاقياتها، فالطبيب يُقسم بخدمة وطنه ودينه ومجتمعه، بكل تفاني وجهد وأن يكون خير مؤتمن على مهنته وأسرارها، وكذلك الوزير وكذلك الضابط وكذلك الغفير، وكذلك الصحفي، فهو مؤتمن على قلمه وعلى مايكتبه وينقله، ولابد أن يتخلق بأخلاقيات هذه المهنة العالمية، وأن يكون خير سفير في وطنه وخارجه، بقلمه ومنشوراته.

كل مانتمناه في المستقبل القريب أن تُفعل كافة القوانين التي تكفل للكُتاب والمؤلفين حقوقهم الفكزية، بشكل أكبر وأكبر حتى تُصبح هذه القوانين بالخط العريض في عالم الكتابة والصحافة والأعلام، لأجل حماية الملكيات الفكرية لابد من بث ونشر ثقافة الملكية الفكرية والعلمية والثقافية في المجتمعات.