إنجاز..
يوم بعد يوم وتمر قافلة أيامنا. ربما شعرنا بها أو ربما مرّت دون أي أثر يُذكر لذلك نرى الكثير من الناس انطوت صفحة أيامهم وأعوامهم وهم واقفون في أماكنهم دون حراك مما أشعرهم بحزن شديد لأنهم لم ينتجوا شيئا في حياتهم، أو ربما كان نتاجهم لايُقاس بطموحهم، وأن ما وصلوا له لايكاد يُطفئ ظمأ حاجتهم النفسية.
إننا في وسط هذه النجاحات الكثيرة التي يحققها الكثير من الناس سوف نلاحظ أن هناك من أقفل بابه عليه حسرة على أيامه التي قضاها في التضحية المبالغ فيها أو لأنه كرّس حياته في إعطاء واجباته أكثر من حقها ولو أنه وازن بين الأمرين كان المردود أكثر إيجابية. وهو عند مواجهته لنفسه بحقيقتها قد يلتمس لها معاذيرها أويخاطبها محبطا: لقد فات آوانك وهو لايعلم أن كل يوم يمر علينا لدى عقولنا قابلية لتعلم المزيد ولا شيء يتوقف في وجه إرادة الإنسان التي لاتعرف طعم الهزيمة وخير شاهد أولئك الناس الذين حققوا طموحاتهم وهم في عمر متقدمة.
قالَ الشّاعرُ:
إذَا مَرَّ بِي يَوْمٌ وَلَمْ أَقْتَبِسْ هُدًى.
وَلَمْ أَسْتَفِدْ عِلْمًا فَمَا ذَاكَ مِنْ عُمْرِي!
إن مجاهدة النّفس أفضل جهاد كما وصفها الإمام علي 
فإذا زجّتك نفسك نحو الكسل بادرها بالإقدام وإذا اقنعتك بعجزك وكبر سنك حاربها بأنني مازلت بخير. فكم من متعلم للقرآن تعلمه وختمه وهو في سن الخمسين من عمره! وكم من متقن للغة أجنبية تعلمها مع أولاده!
أنصف نفسك من نفسك وجاهد عجزها وجهلها وارتقِ بها نحو مشارف الكمال، اهتم بما تتمنى تحقيقه وأنجز ماتحب إنجازه ولاتهتم بكلام الآخرين حتى لو كانوا أبناءك. «فمن تحلّى بالإنصاف بلغ مراتب الأشراف»
أفْهمْ من حولك أنك لست عاجزا وبيدك تغيير نفسك من جديد كما غيرتها سابقا، ولك رسالة أخرى تخطط لتأديتها كما أديت غيرها، وإياك أن تنتظر مقابلا ممن أغدقت عليه عطائك لأنه له رسالة أخرى في حياته.
أعجبتني قصة امرأة وجدت نفسها وحيدة قد غادرها جميع أولادها منهم من خرج مبتعثا وأخرى تزوجت وثالث يزورها مرة واحدة كل شهر فأجمعت أمرها وحزمت حقائبها متجهة لإتمام دراستها الجامعية التي تركتها بعد إنجابها لأولادها وفعلا تم لها ما أرادت واستطاعت أن تحقق جزءا من أحلامها ومازالت تواصل الإمساك بكل الفرص التي تمر بها بحثا عن حياة كريمة تجلب لها السعادة وتبعدها عن فتور حياتها.
لن ُتنسى خطوات النجاح ولن ُتمحا آثارها مادمت تمشي بثبات، وسوف تقودك الكلمات التحفيزية لأفضل نِتاج وتنفض عن ملابسك غبار التردد فأنت ميتٌ تحت التراب مادمت لاتنجز شيئا في حياتك أو توقفت عن العمل عند سن محددة.
