آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

مع البزبوز في مقاله التلفيقي «شِعاراتٌ تُرفَعُ وأهْواءٌ تُتَّبَعْ»

حسن علي الحجي

كتب البزبوز مقالا ادعى فيه أن السيد منير الخباز حفظه الله صاحب خطاب تلفيقي حيث قال:

«هو الأقدر على النهوض بالمدرسة التلفيقية التي تطرح الأفكار القديمة في ثوب حديث يبهر السامعين لكنني لا أخفيكم قناعتي أنه صاحب خطاب تلفيقي».

منطلقا من عناصر أساسية ثلاث وجدها في مقطع مرئي للسيد حفظه الله تحت عنوان أساسيات النقد الهادف[1] .

والجواب:

ذكر ابن منظور في لسان العرب:

لفَّقَ: أحاديث ملفقة أي أكاذيب مزخرفة [2] .

تشكل الحركة النقدية عنصرا أساسيا وفاعلا في النمو والازدهار والتطور المعرفي والسلوكي وهي تسعى إلى تقويم وتقديم الأفضل في شتى المجالات وليست الحركة النقدية بدعا من الأمور ولا مستثناة من الضوابط بل هي خاضعة للمنهجية العلمية والموضوعية والأدوات المعرفية التي تأتي ثمارها وفوائدها المرجوة وإلا تحولت إلى عبث وفوضى.

.........................................

🔸السيد منير الخباز والنقد:

تحدث سماحة السيد «أطال الله عمره» في أكثر من موضع وخلال سنوات متعددة حول موضوع النقد وقد أشبعه بحثا وبيانا ومنها:

1 - ذكر في محاضرة له «حفظه الله» تحت عنوان مجتمعنا والمجتمع الرشيد [3] :

أن المجتمع الرشيد هو الذي يدعو إلى الخير وله معالم وملامح وهي:

🔹استثمار الطاقات وتنميتها والنهوض بها

🔹التركيز على الأولويات والاهتمام بالقضايا الكبرى

🔹النقد في إطار التحفيز والتشجيع والانطلاق لمستقبل زاهر

2 - ذكر في محاضرة له «حفظه الله» تحت عنوان

النقد بين الضرورة والإشكالية [4] :

🔹حث القرآن الكريم على التربية النقدية واستدل

بقوله تعالى: ﴿الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ فَيَتَّبِعونَ أَحسَنَهُ أُولئِكَ الَّذينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُم أُولُو الأَلبابِ [5] .

وقد بين أن ضرورة النقد نابعة من جهتين:

🔹الوصول إلى الحقيقة.

🔹التطوير فرع النقد.

معرجا على مساحة النقد وحدوده حيث ذكر حدين:

🔹أن لا جدوى للنقد في القضايا الضرورية من الدين أو المذهب وهي التي قامت الأدلة العقلية الواضحة على ثبوتها

🔹أن لا يكون النقد مصدرا للفتنة الفكرية.

موضحا أن النقد الذي يدعو إليه هو النقد البناء بركائزه:

🔹الكفاءة والمقدرة العلمية

🔹الاستقامة إذا كان النقد لقضايا عملية فعلى الناقد أن يكون ملتزما بما يدعو إليه.

🔹 أن لا يتحول النقد إلى مرض

🔹الالتزام بأدب النقد وعدم هتك الحرمات مع التنويه إلى المنهج القرآني في استخدام الشدة مع المروجين للفسق والمنكرات لمنع تأثر المجتمع بخطرهم الفكري والسلوكي.

.........................................

🔸 البزبوز وإشكالاته التلفيقية:

سجل الكاتب المذكور نتيجة «ظلم بها نفسه» تجاه خطاب السيد منير الخباز حفظه الله المتنوع في طرحه والمثري في معلوماته والممتد لأكثر من 30 عام أنه تلفيقي منطلقا من مقطع مدته 6 دقائق تحت عنوان أساسيات النقد الهادف حيث بنى نتيجته على عناصر ثلاثة:

🔸 أن السيد يشترط الثقافة بمعنى التخصص في النقد وهذا يكرس الطبقية وهو مشروع تجهيل للأفراد.

🔹الجواب: أن السيد منير «أنار الله برهانه» أشار إلى حاجة المجتمع للنقد الهادف وليس الهادم.

حيث شجع النقد بثقافة وعلم واطلاع وإلمام في أي مجال فيزيائيا أو أدبيا أو دينيا وأن يكون النقد بعلم لا مجرد ثرثرة مستندا إلى قوله تعالى: ﴿وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا [6] .

وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيطانٍ مَريدٍ [7] .

إذ من البديهي أن من يريد الحديث في أي فكرة فعليه الإحاطة بجوانبها ومصادرها وما يرتبط في التأثير على النتيجة.

🔹واللطيف أن البزبوز احتج بعدم الحاجة إلى التخصص في علم الفلك للحديث في جزئية كروية الأرض.

وقد غاب عنه أن للعلم مراتب ومنها ما يتم إدراكه دون الحاجة للتخصص ومنها ما يجب التخصص فيه للحديث عنه.

فلا يحتاج الإنسان إلى التخصص لتحديد ما إذا كان الطريق مستويا أو متعرجا أو يعاني من الحفر والتشققات.

🔴 لكنه بلا شك بحاجة إلى تعلم مبادئ الهندسة المدنية والتعمق في هندسة الطرق والاطلاع على الأدلة والاشتراطات والمواصفات الخاصة بنظام تصميم الخلطة الاسفلتية ومعاييرها وخصائصها والنسب المسموح بها للتفاوت في التحكم الحقلي والتقسيم الحراري والمروري المستخدم في المنطقة ومتطلبات اعتماد الرابط الاسفلتي «superpave» [8] !

🔸أن السيد يشترط الاستقامة ولا ربط للأفكار بالإيمان الديني والاستقامة وفي الجامعات لن ترفض أفكارك العلمية لسبب تعبدي أو أخلاقي.

🔹الجواب: أن سماحة السيد حفظه الله طرح الاستقامة «كما أشرنا سابقا» إذا كان النقد لموقف عملي سلوكي ليكون مؤثرا في التطوير والتغيير وأبلغ للحجة بحيث يتحول النقد من التنظير إلى الواقعية ولم يطرح الاستقامة كشرط إذا كان النقد للمعلومات فالفرق واضح بين نقد المواقف ونقد المعلومات النظرية

واستدل بقوله تعالى: ﴿وَمَن أَحسَنُ قَولًا مِمَّن دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحًا وَقالَ إِنَّني مِنَ المُسلِمينَ [9] .

ولكن الكاتب البزبوز قام بتجيير وحرف ما ذكره السيد إلى الاستقامة كجزء من النقد النظري بشكل فج حيث خلق اشكالا مبنيا على باطل مخالف للواقع وقام بترتيب اثر عليه «وما بني على باطل فهو باطل».

🔸أن السيد يلوح في وجه المثقفين والأكاديميين بأنهم مرضى وهي حرب نفسية جاهلية كاتهام الرسول ص بالجنون.

🔹الجواب: أن هذا افتراء واضح وبين وتحميل لكلام السيد حفظه الله ما لا يحتمل إذ أنه «دامت بركاته» دعا إلى الهادفية في النقد كحالة صحية ووسيلة لتوصل الإنسان إلى الأحسن لا النقد المَرَضِي الذي يتحول إلى غاية تقتل المواهب والإبداع والتجديد لتحطيم الآخرين.

وهنا يتضح أن السيد لم يتعرض لتصنيف فئة على أنهم مرضى لمنعهم وحجرهم عن النقد ولم يشر أو يلوح أو يذكر أو ينعت المثقفين والأكاديمين والناقدين بالمرضى.

.........................................

🔸المنير داعية إلى الله:

🔹 بهذه العناصر الهشة وعلى ضوء هذه التخبطات الواضحة وبهذه القراءة المجتزأة والمحرفة للمعاني نسج البزبوز مقاله التلفيقي تحت ستار الوعي والثقافة رافعا شعار النقد والحرية مدعيا ثقته مما هو مطلع عليه وعارفا بعمق عيوب المؤسسة الدينية، متجاوزا كل منهج علمي يدعو إلى الموضوعية في النقل والتحليل القراءة الكاملة لخطاب امتد لأكثر من 30 عاما وقافزا فوق كل ثابت من ثوابت النقد والتصويب ليكشف «وحيث لا جديد» صورة نمطية متكررة لأدعياء التنوير والتصحيح والعيال على العلم والثقافة في اتهام لا يخلو من الحزبية والفئوية تابعا آثار من كان قبله بشعارات ترفع وأهواء تُتَّبَعْ!

🔹 أفكان من العدل والإنصاف والموضوعية والحصافة أن يتم اختزال خطاب أنتج وأعطى وقدم وأثرى الساحة بما يتجاوز ال 30 عام أكثر من 10 الاف محاضرة متنوعة تناول فيها القضايا العقائدية والفكرية والثقافية والروحية والتربوية والتاريخية والاجتماعية والحكم عليه من خلال مقطع في 6 دقائق!

إن المطلع على تراث هذا العالم الجليل والسيد النبيل والمتابع لنتاجه بعين الإنصاف والموضوعية يجد أن منهجه في التعامل مع العلوم الحديثة والنظريات العلمية في الفيزياء والرياضيات وعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم هو باثبات القضايا المسلمة والثابتة في الفكر الإسلامي «وهو ذاته منهج السيد الشهيد الصدر والشهيد المطهري قدس الله أرواحهم»

🔸وما نقموا من المنير إلا ثلاثا:

🔹 دعوته إلى الالتفاف حول المرجعية الرشيدة [10] 

والالتزام بتوجيهاتها ونشره لعطائها مؤكدا على أن لها القيادة والزعامة وأن مراجعنا العظام مثال ومظاهر للعلم والورع والتقوى وعناوين للتفقه والنظر والأمانة حيث أفنى الفقهاء الأجلاء أعمارهم في تربية الفضلاء والمجتهدين وتشييد علوم الدين ورعاية المؤمنين ليكون هذا الخط صمام أمان للمجتمع الشيعي بممارستها دورها الفاعل والمؤثر الأمر الذي اقض مضاجعهم وزلزل أركانهم وقطع الطريق أمام طموحاتهم وبدد أوهامهم وأحلامهم.

حتى خرج هذا الحنق وظهرت هذه النقمة على فلتات لسانه حيث قال: «نمط تفكيره ووعيه هو التلفيقي، لكن الرجل مؤمن بما يقول، مؤمن بمدرسته التقليدية التي تربى على أفكارها».

🔹رفضه الاندماج في مشروع الانسلاخ العقائدي وتقديم التنازلات المخجلة باسم الوحدة والتعايش حيث دعا حفظه الله إلى وحدة إسلامية وتعايش وطني منطلقا من فكر أهل البيت [11]  وفق المعايير والموازين الشرعية دون الانبطاح لأرباب الفكر المتحجر والتملق إلى اصحاب الأحكام المعلبة والمسبقة.

🔹 غزير علمه وعلو مكانته وعظم منزلته وجلالة قدره في الحوزة العلمية والمجتمع حيث وفقه الله عز وجل وحفته الرحمة النبوية وفيوضات أهل البيت أن مالت له قلوب المؤمنين وأفئدتهم بعطائه وفكره وتواضعه وحسن خلقه حتى غدا خطابه يجول الآفاق شرقا وغربا، في حين اتخذ غيره من اسم أب أو جد أو أسرة مطية للصعود على اكتاف المجتمع ولجأ آخرون إلى وجهاء المال والطعام في تحقيق للمصالح وتصفية الحسابات وسلك بعضهم مسالك الفتنة والفوضى والشذوذ طمعا في البروز والظهور.

🔹حتى أجرى الله عز وجل شهادة بذلك على لسان وأقلام بعض أصحاب الخلفيات المأزومة والمشاغبات الحزبية مكرهين مرغمين لا يرون من ذلك مهربا ولا مفرا حيث قال صاحب المقال التلفيقي:

«من الشخصيات العظيمة في قطيفنا الحبيبة سماحة السيد منير الخباز حفظه الله، وهو قامة علمية قائمة بذاتها، ليست بحاجة للتزكية مني ولا من أحد منا، دأبها العلمي ومثابرتها فرضتها في الساحة كرقم صعب، يتفوق على الكثير من الأكاديمين وأمثاله في حوزاتنا الدينية قليل».

.........................................

🔸 في الختام: إن النقد الهادف والفاعل والمؤثر هو ذلك الذي يبنى على أسس ومنهجية علمية تقود إلى مستقبل زاهر مشرق يغذي الفكر ويطور الواقع ومن المحزن أن يسير البعض نحو العبث والخلط وإثارة الفوضى والبلبة مستغلة عنوان النقد ورافعة لشعاره في انحراف عن المقاصد والأهداف الشريفة.

داعين المولى لنا ولهم التوفيق للهداية والعمل الصالح وحسن الخاتمة بحق محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.

المصادر

[1]  مقطع مرئي بعنوان: إشراقات ح 2 أساسيات النقد الهادف

https://m.youtube.com/watch?v=IqJPUH2dj-s
[2]  لسان العرب ج10 ص 331

[3]  محاضرة بعنوان: مجتمعنا والمجتمع الرشيد
http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=1267

[4]  محاضرة بعنوان: النقد بين الإشكالية والضرورة
http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=339
[5]  سورة الزمر: 18

[6]  سورة الإسراء: 36

[7]  سورة الحج: 3

[8]  نظام تصميم الخلطة الاسفلتية الساخنة

وزارة النقل
https://www.mot.gov.sa/ar-sa/Documents/نظام%20تصميم%20الخلطات%20الاسفلتية%20الساخنة.pdf


[9]  سورة فصلت: 33

[10]  راجع كتاب معالم المرجعية الرشيدة

http://www.almoneer.org/index.php?act=books&action=view&id=9
[11]  راجع محاضرة بعنوان مبدأ المواطنة في النظام الإسلامي

http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=782
ومحاضرة كلام حول الوحدة الإسلامية

http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=247
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمود الأحسائي
[ القطيف ]: 28 / 8 / 2018م - 7:33 م
الأخ حسن الحجي المحترم: وددت في تعليقي هذا أن ألفت نظرك الى بعض الأمور أنت بغنى عنها بل أنها لا تليق بأي منا أن ننتهحها في كتاتبانا سواء منها الدفاعية أو النقدية أو سواهما -حتى لو ان الطرف الأخر قد أغضبنا بكتاباته! فقط وددت أن أنبهك أولا الى مسألة عدم التساهل حين تسمية الآخر ؟!فهذا الذي توحه له كتابتك لا تذكره باسمه مطلقا وكأنك تعيب عليه لقبه بما في ذلك واجهة مقالك! ولا أظنك ستسكت او أن أحدا ذكر السيد من قصد او من دونه فسماه: الخباز فقط, كمن يذكر البعض حتى بعض العلماء باسمهم الاخير! و أمر آخر - وحتى لو أعجبنا بشخصية ما وحتى في طور الدفاع عنها بألا نبالغ ونكثر في مديحها فالسيد حفظه الله ليس بحاجة لكل هذه الالقاب (المنير, أدام الله برهانه: هذا اول مرة اسمعه!) شكرا ووفقت